اعلن رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي “اليوم اتممنا الخطوة الاولى ضمن سلسلة من الاجراءات ستتخذ على الصعيد المالي. لقد بات لدينا موازنة، وهو امر ضروري لتسيير امور الدولة بصورة منتطمة. وصف وزير المال الموازنة بانها تصحيحية لمرحلة انتقالية لها صفة طارئة. ان كل كلمة من مواصفات الموازنة هي حقيقة وامامنا تحديات كبيرة منها التضخم والتعثر وعدم القدرة على التمويل الخارجي، وامامنا هدف اساسي هو تحقيق الاستقرار المالي والنقدي والاقتصادي”.
وأضاف: “إنطلقنا من اولويات دعم القطاعات الاجتماعية والصحية والاستشفاء ومواكبة واقع الادارة والموظفين في القطاع العام. اتخذت سلسلة اجراءات منها اعطاء زيادة شهرعن كل شهر عمل لموظفي القطاع العام على الا تقل عن مليوني ليرة ولا تزيد عن ستة ملايين ليرة. واعطينا المتقاعدين راتبا اضافيا عن كل شهر، على الا يقل عن مليون وسبعمئة الف ليرة ولا يزيد عن خمسة ملايين ومئة الف ليرة، ويتم التطبيق فور اصدار الموازنة في مجلس النواب، ولحين اصدار الموازنة نستمر في تطبيق المرسوم رقم 8737 الذي صدر والذي أعطينا بموجبه منحا لشهر تشرين الثاني وكانون الاول”.
وتابع ميقاتي: “الموضوع الاجتماعي أخذ حيزا كبيرا من البحث، وتم رصد 400 مليار ليرة للشأن الاجتماعي ومن ضمنها دور الرعاية بمختلف انواعها، ومساعدات لمتضرري مرفأ بيروت وتحفيز اقتصادي عبر اعطاء مؤسسة تشجيع الاستثمار صلاحيات جديدة لاعطاء تحفيز ضريبي للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وحصل في الموازنة تصحيح في الضرائب والرسوم بناء على التضخم الحاصل في سعر الصرف. كما هو معلوم نحن نحاول تحقيق توازن في هذه المواضيع،عبر الفارق في سعر الصرف الاجنبي تجاه الليرة اللبنانية. كما اجرينا تصحيحا للشطور والتنزيلات العائلية والتنزيلات الضرائبية على كافة الضرائب والرسوم، وتعزيز الالتزام الضريبي وتسوية الضرائب او الاعتراضات المعلقة، وخفضنا الغرامات على التحصيل، واذا جرى التحصيل خلال فترة ستة اشهر يلغى قسم كبير من الغرامات. كما خفضنا رسم الانتقال العقاري من 5 في المئة الى 3 في المئة، والغينا الضريبة على الفوائد المصرفية لمدة 5 سنوات”.
وأردف: “بالنسبة لارقام الموازنة قبل التعديلات الاخيرة التي حصلت في مجلس الوزراء اليوم، بلغ مجموع الواردات المقدرة 39 الف مليار ليرة لبنانية، ومجموع النفقات حوالى 47 الف مليار ليرة لبنانية. اما العجز المقدّر فهو 8 الآف مليار ليرة لبنانية، وضع كاحتياط موازنة. العجز في النفقات قياسا الى الواردات وصل الى حدود ال17 بالمئة، وبالتالي اعتقد ان صدى الموازنة سيكون جيدا، ونحن في انتظار مناقشتها في مجلس النواب، وحتما فان المجلس سيكون لديه رأيه في المشروع.”
وقال: “ما تحقق اليوم هو الخطوة الاولى في التصحيح المالي، ويبقى امامنا مسار طويل يتمثل بخطة التعافي الاقتصادي، وهي الاساس للنقاش مع صندوق النقد الدولي. صحيح اننا في صدد التفاوض مع الصندوق، ولكن علينا تحديد اولوياتنا لمصلحتنا، والقيام بالاصلاحات المطلوبة. هناك اكثر من 14 مرسوم اصلاحي يجب ان يصدروا عن الحكومة، واكثر من 30 قانون اصلاحي يجب ان يصدروا عن مجلس النواب، وبالتالي نحن سنتابع مع صندوق النقد الدولي في موضوع خطة التعافي الاقتصادي، بالتوازي مع عمل داخلي لانجاز الاصلاحات المطلوبة.”
وختم بالقول: “بعدما انتهينا من درس الموازنة، امامنا ورشة تتركز على خطة التعافي الاقتصادي، وهناك مرحلة ثانية تتعلق بالتفاوض مع حملة سندات اليوروبوند في سبيل الوصول الى تسوية معهم، وبعد ذلك اعادة هيكلة المصارف بشكل عام. هذه الامور تستغرق وقتا، ونحن اليوم في مرحلة صعبة، واهم ما يجب القيام به هو تحقيق التوازن المطلوب بين سعر الصرف الذي ارتفع بشكل مضاعف جدا، وبين المصاريف المطلوبة، وهذا الامر يستغرق وقتا في كل مرة، اي ما بين سنتين وثلاث سنوات، وعلينا ان نتحمل هذا الوضع، وهو لن يكون بالسهولة التي نتوقعها. ابزر التحديات امامنا تعثر قدرة التمويل، اذ كنا في السابق نحصل على التمويل الخارجي ونصدر سندات خارجية، هذه الرفاهية لم تعد متاحة اليوم، وعلينا ان نحصل على توقيع صندوق النقد الدولي لتنفتح امامنا مجددا امكانات التمويل الخارجي، وكلما اسرعنا في انجاز الاتفاقات كلما كان الحل اسرع. هذا الموضوع لا يعني الحكومة لوحدها او الوزراء لوحدهم، بل يعني جميع اللبنانيين، واذا لم نسرع الخطوات، فقد نصل الى درجة قد لا نعود قادرين فيها على استيراد القمح. كل يوم يمر من دون اصلاحات هو خسارة لنا ، ولو جرى حل الموضوع قبل سنة، لكانت الفجوة المالية بحدود 40 مليار دولار، فيما هي اليوم بحدود 70 مليار دولار. كل ما نقوم به سنعلن عنه، وخطة التعافي الاقتصادي ستكون متاحة للبحث العام، وكل شخص يمكنه ان يقدم رأيا بنَّاءً نحن مستعدون لسماع رأيه ونأخذه بعين الاعتبار اذا كان ينسجم مع الخطة المقدمة “.
ولفت الى أن “الدولار الجمركي لا يطبق فورا، بل عند اقرار الموازنة واصدارها في مجلس النواب. مشروع قانون الموازنة الذي سنرسله الى مجلس النواب يعتمد سعر “صيرفة “، وكل آخر شهر فان وزير المال يعلن عن سعر الشهر الذي يلي حسب سعر منصة صيرفة، مع الاخذ بعين الاعتبار الغاء الرسوم الجمركية والرسوم الاضافية على اي صنف يتعلق بالدواء وكل السلع الغذائية. كان تم وضع ضريبة 10 في المئة على الشاي والبن فتم الغاؤها. وهناك ايضا تحدي مراقبة التهريب، لأن عندنا خوف من زيادة التهريب، وستكون هناك خطة في هذا الاطار على صعيد عملية “السكانر” ومراقبة الحدود. كل الدراسات التي لدينا عن الدولار الجمركي تظهر انه لن تزيد اسعار السلع بالمقارنة مع رفع سعر الدولار الجمركي، وفي اقصى الحالات لن تتجاوز الزيادة من 3 الى 5 في المئة”.
وتابع: “في أول جلسة لمجلس الوزراء عُقدت في السراي الحكومي للبدء بمناقشة الموازنة قلت لمعالي الوزراء إن هذه الموازنة قد وصلت الى مجلس الوزراء من وزارة المالية، لكنها ستصدر عن مجلس الوزراء بالاتفاق بين جميع الوزراء، واسأل الوزراء عن الضرائب والرسوم التي أضيفت على الورق. هناك رسوم تم تعديلها، من بينها رسم كان ب 500 ليرة فأصبح خمسة ألآف ليرة، هناك طابع مالي، ورسم سجل عدلي كان بخمسة الآف فرفع الى 15 ألفاً، هناك زيادات لكن بنسب مقبولة وهي ليست مباشرة على المواطن، إنما رسوم على خدمات كي نتمكن من القيام بها، وقد أعطيت مثالا على ذلك السجل العدلي لأنه حصل جدل كبير حوله، فثمن الورق تغير وكذلك الطباعة والحبر، من هنا علينا تقطيع هذه المرحلة التي أسميناها بالمرحلة الإنتقالية وتكتسب صفة طارئة”.
وعن ملف الكهرباء: “لقد ورد عند المباشرة بالموازنة مبلغ 5 الآف مليار ليرة لبنانية كسلفة للكهرباء، وكنا قد أخذنا بالإحتياط مبلغ خمسة الآف أخرى، لأن معالي وزير الطاقة كان قد طلب السلفة خلال سنة. وبنتيجة البحث مع كل الوزراء، قلنا إنه تم دفع سلف للكهرباء خلال السنوات الماضية، الواحدة تلو الأخرى، بنحو 23 مليار دولار، وسالنا أين الكهرباء، فالوضع يشبه الدلو المثقوب الذي لا تتراكم فيه الأموال. فطلبنا بأن نحدد هذا الموضوع، وسبق أن قلت من هذا المنبر إننا سنعقد جلسة لمجلس الوزراء عند الثالثة من بعد ظهر يوم الثلاثاء المقبل في 15 شباط الجاري في قصر بعبدا لمناقشة خطة الكهرباء قوامها ثلاثة أمور: أولها تشكيل الهيئة الناظمة وأن تخضع كهرباء لبنان للقانون رقم 462، وهو أمر أساسي بالنسبة الي، والموضوع الثاني هو التعرفة، ثم موضوع التسويق والتحصيل. عندما نتابع عمل هذه الأمور ضمن نظام معين وتعرفة معينة وتسويق معين، نستطيع الوصول الى الحل الذي نريده. فالتعرفة لن تطاول صغار المستهلكين، في وقت يتعادل فيه الدولار بالليرة اللبنانية، فنحن لم يعد باستطاعتنا إعطاء الكهرباء والهاتف والمياه مجانا، لا نستطيع وليست لدينا القدرة على ذلك ويا ليته كانت لنا هذه القدرة. وعلى المواطن أن يتفهم هذا الأمر، وهو يتساءل من أي يمكن تأمين الأموال اذا كانت المصارف تمتنع عن إعطائها، ولهذا المواطن أقول أنت محق، علينا تمرير هذه المرحلة الصعبة جدا لأن همنا هو عودة لبنان على السكة الصحيحة”.
وأردف: “عندما تكون هناك خطة متكاملة ومتوازنة، لن يكون هناك عجز في الكهرباء. من أجل تأمين هذا التوازن أبعدنا الخطة عن الموازنة لأنها توضع من دون قعر ونستمر بالدفع، ولكي أكون صريحا هذا العجز قد يزداد، ومهما تم تقديم خطط فلا يمكن تنفيذها غدا، حتى وإن زادت التعرفة، فسنبدأ بالتنفيذ وليس التحصيل، ما يعني أنه سيكون هناك عجز. لكننا نعرف بأننا أمام خارطة طريق، ولدينا الكثير من المشكلات في قطاع الكهرباء، فمطار بيروت من دون كهرباء منذ ثلاثة أيام، ومدينتي طرابلس أيضا، فما العمل؟”.
وعن ترسيم الحدود، قال: “هذا موضوع وطني بإمتياز لا يمكن أن يتفرد به شخص لوحده، لقد جرى بحث في هذا الشأن، وأنا أعتقد بأن العرض جدي ويجب بحثه من قبل كل السلطات المعنية. وكل الفاعليات اللبنانية، بدءا من فخامة الرئيس ودولة رئيس مجلس النواب ومن قبلي أيضا، علينا الجلوس معا والبحث في هذا الموضوع، لا أستطيع منفردا ولا أحد يستطيع إتخاذ قرار لوحده، وإنشالله نحن على الطريق الصحيح”.
وشدد على أن “موضوع السحب من المصارف سيكون من ضمن خطة التعافي، وأكرر بأننا إستطعنا وضع موازنة متوازنة، كما أن خطة التعافي ليست سهلة وهي تأخذ الكثير من الوقت، لكن كل ما نُشر عنها حتى الآن غير صحيح، فنحن نملك خيارات عدة، نبحثها مع صندوق النقد، وسنطرح الخيار الأفضل الذي أعيد وأكرر بأنه لن يكون نهائيا من قبل الحكومة قبل أن يُغرض عل مختلف الهيئات والجمعيات والمودعين، ثم يُحال على مجلس الوزراء ومنه على مجلس النواب لإقراره. وأتمنى بأن يُقر، فالأمر ليس سهلا، وأنا والوزراء نعتبر أن هذه العملية صعبة ” كاميكاز”، لكننا نضع نصب أعيننا أنه اذا كان هناك مجال لإنقاذ البلد والإقتصاد اللبناني، فنحن مستعدون لذلك”.