ميقاتي: المصارف غير قابلة للإصلاح

يبدو رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، غير مستعجل عودة مجلس الوزراء للانعقاد. أغلب القضايا الواردة على جدول الأعمال بلا معنى، كنقل الاعتمادات. أما الشغل الجدي في نظره، فهو السعي لإعادة الكهرباء، وإعداد خطّة إنقاذ مالي، والتفاوض مع صندوق النقد الدولي. كل ذلك يمكن القيام به، أو على الأقل، التحضير له، خارج مجلس الوزراء.

الكهرباء شغله الشاغل، لكنه يبدو متمسكاً بمشروعين لا ثالث لهما:
ــــ الغاز المصري والكهرباء الأردنيّة؛
ــــ واقتراح المصرفيّة كارول عياط.
المشروع الأول يسير على قدمٍ وساق. القاهرة لم تحصل على إعفاء من عقوبات «قانون قيصر» الأميركي على سوريا، لكنها نالت من واشنطن «رسالة تطمين» تسمح لها ببدء ضخ الغاز إلى لبنان، بعد انتهاء عمليات الصيانة اللازمة في لبنان وسوريا.

المشروع الثاني قوامه اقتراح المصرفية المختصة في تمويل قطاعات الطاقة، كارول عياط، والذي تبنّاه رئيس الحكومة بعد إدخال تعديلات عليه. هذا الاقتراح ينصّ على تمليك مودعين من المحجوزة أموالهم في المصارف، شركةً تقيم معملَين لإنتاج الكهرباء. اقترحت عياط تحويل 4.8 مليارات دولار محتجزة (لولار) إلى 1.6 مليار دولار من الأموال الموجودة في مصرف لبنان كتوظيفات إلزامية (ما يُسمّى «احتياطي إلزامي»)، لإنشاء الشركة التي ستبيع الكهرباء إلى مؤسسة كهرباء لبنان، لمدة قد تصل إلى 20 عاماً، على أن تعود ملكية الشركة وممتلكاتها (معملَي الإنتاج) إلى الدولة بعد تلك المدة. وعلى مدى السنوات العشرين، سيتقاضى المودعون ــــ المساهمون أرباحاً تتيح لهم استعادة أموالهم المحتجزة في المصارف.

إلى جانب كبار المودعين، سيخفف هذا المشروع الضغوط عن المصارف التي أعلنت قبل أسابيع خطتها لإنقاذ نفسها على حساب المجتمع. لا يرى ميقاتي أن البنوك اللبنانية قابلة للإصلاح، «هي بحاجة إلى إعادة بناء». فبحسب الأرقام الموجودة بين يديه، ربما أربعة أو خمسة مصارف ستتمكّن من النجاة من الانهيار. خطة المصارف، إضافة إلى خطة شركة لازار (مستشار الدولة) المعدّلة، كما خطة مصرف لبنان والورقة التي أعدّها فريق عمل ميقاتي، سيحيلها رئيس الحكومة جميعها على فريق عمل آخر، يرفض الكشف عن أعضائه، من أجل الخروج بخطة تعافٍ جديدة، ستُعرض بطبيعة الحال على صندوق النقد الدولي. وفي نظر نائب طرابلس، المسؤولية تتوزع على أربعة أطراف: الدولة، مصرف لبنان، المصارف، والمودعون. لكن، في شتى الحالات، الفئة الأخيرة «غير مسؤولة أبداً عن الانهيار.

لا يبدو أن على جدول أعمال رئيس الحكومة، قبل إجراء الانتخابات، سوى مشروع الكهرباء ووضع خطة للإنقاذ والتفاوض مع صندوق النقد الدولي. المفاوضات مع الأخير لن تنتج اتفاقاً على برنامج، بل اتفاقاً أولياً يبدو أقرب إلى إعلان نوايا. وبموازاة ذلك، ستعمل الحكومة على زيادة الأجور: في القطاع الخاص، لا يمكن أن تقلّ الزيادة عن مليونَي ليرة، على ألا تزيد على أربعة ملايين ليرة (أقل من 200 دولار). أما في القطاع العام، فستُقدّم «منحة شهرية» للموظفين، بناءً على الأرقام التي تعدها وزارة المال. في المقابل، سيرتفع الدولار الجمركي، «الذي يجب أن يكون مساوياً لسعر صرف منصة صيرفة». لكن يمكن البدء بزيادته إلى 10 آلاف ليرة. أما البطاقة التمويلية، فلن يبدأ العمل بها من دون تمويل!

 

مصدرجريدة الأخبار - حسن عليق
المادة السابقةالأمم المتحدة: السياسيّون بدّدوا موارد لبنان على المصارف
المقالة القادمةشروط جديدة لإصدار جوازات السفر لخمس سنوات