في نهاية كل عام تستفيد عشرات الدول حول العالم من التبادل التلقائي للمعلومات حول الحسابات المالية، إلا لبنان. فعلى الرغم من موافقته على معاهدة “المنتدى العالمي للشفافية وتبادل المعلومات”، إلا أنه لم يفِ بعد بالمتطلبات الدولية المتعلقة بالسرية وأمن البيانات منذ العام 2015. الأمر الذي يحرمه من تلقي المعلومات المالية التي تنشرها الدول المشاركة تلقائياً. وآخرها إعتزام سويسرا الإفصاح عن 3.3 ملايين حساب الشهر القادم تعود إلى 96 دولة. هذا التأخير المتعمّد يفوّت على لبنان فرصة الإطلاع على الحسابات الخارجية للمقيمين ضريبياً، وملاحقة أصحابها جزائياً في حال كانت تنطبق عليها تهمة التهرب الضريبي وتبييض الاموال، بحسب المتابعين و”بالتالي الحجز عليها واستردادها”.
وفي الوقت الذي لا يُسمح فيه للبنان بتلقي أي معلومة عن حسابات المقيمين ضريبياً لديه في الخارج، يستمر باعطاء المعلومات عن المودعين لديه لـ 64 دولة من أصل 160 دولة منتسبة إلى المنتدى العالمي. هذه الحسابات المكشوف عنها في لبنان تعود بأغلبيتها إلى اللبنانيين المغتربين. والكشف عنها يورّط أصحابها ممن تهربوا ضريبياً بأزمة مزدوجة. فهم يعاقبون في دول اغترابهم من جهة، ولا يستطيعون الوصول إلى أموالهم في الداخل بسبب حجزها من المصارف من جهة ثانية. وبذلك يبقى من هرّب أمواله من لبنان، وهم بأغلبيتهم يدورون في فلك المستفيدين من المال العام من فئة السياسيين وأصحاب المصارف، خارج إطار المحاسبة والملاحقة. وعليه فإن المطلوب بحسب المصادر المتابعة “تطبيق القانون بعدالة، إذ لا يجوز لأصحاب الحسابات الخارجية ممن استفادوا من المال العام والفساد والهدر أن يستفيدوا أيضاً من تدهورالعملة والبذخ والصرف على حساب مآسي المواطنين، وبما يخالف العقد الاجتماعي”.