عمليات الحفر والاستكشاف في الـ”بلوك 9″ جنوب لبنان، قاب قوسين من الانتهاء وأصبحت في مرحلة متقدّمة حيث ستصل الباخرة TRANSOCEAN BARENTS إلى الهدف المَرسوم في غضون أسبوع والانتقال إلى مرحلة تحليل النتائج التي توصّلت إليها… على أن تصدر النتائج الأوّليّة أواخر تشرين الأول الجاري بحسب ما أعلن وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فيّاض.
لكن هذا الموعد الذي ضربه الوزير فيّاض أصبح عرضةً للمخاطر الأمنية التي قد تخزل لبنان واللبنانيين جراء التصعيد المقلق لمعركة “طوفان الأقصى” التي أسعرت حرباً ضارية على الأراضي الفلسطينية وتحديداً غزة، لتطاول الجبهة الجنوبية على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية… فأثارت القلق المحفوف بالخوف من أن تجرّ هذه التطورات الأمنية المعطوفة على التهديدات المتبادلة بين طرفَي النزاع، عمليات الحفر والاستكشاف إلى أجلٍ غير مسمّى…
فالاحتمالات مفتوحة على التهدئة… وكذلك على التصعيد وسط التساؤل عن مدى توسّع رقعة سخونة الجبهة الجنوبيّة كنتيجة حتمية لتصعيد وتيرة الحرب في غزة على الجبهات كافة… إذ في حال حصلت مفاجآت أمنية خطيرة فبالتأكيد لن تستمر أي شركة عالمية في أنشطتها البترولية، إن في جنوب لبنان أو في شمال إسرائيل.
حتى اللحظة، لا يمكن التكهّن بشيء… سوى الأمل في استتباب الوضع وعودة الهدوء ولو كان حذراً، ليصبح الوضع تحت السيطرة، عندها لن تحاول مجموعة “توتال إنرجي” ولا شركاءها الانسحاب من مسؤولياتهم في هذا الملف، وبالتالي المضي في النشاط البترولي جنوباً إلى حين تبيان النتائج… عندها “لكل حادث حديث”. فالاستقرار الأمني هو أساس استمرارية الأنشطة البترولية في جنوب لبنان.
هايتايان: الوضع دقيق… والتهديد لا يزال مستبعَداً
“الوضع دقيق” تقول الخبيرة في مجال حوكمة النفط والغاز في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتايان، لكنها ترى في حديث لـ”الديار” أنه “طالما لم يصدر أي تصريح رسمي عن الجانب اللبناني أو عن مجموعة “توتال إنرجي” فذلك يعني أن الأشغال البترولية لا تزال قائمة ولم تتوقّف… كما أنه طالما ليس هناك أي تهديد أمني مباشَر لموقع منصّة الحفر في الـ”بلوك 9″ والبواخر العاملة معها، في مقابل غياب أي تهديد من قِبَل “حزب الله” أو حركة “حماس” لضرب منصّات النفط الإسرائيلية… فلا داعي إذاً لتوقيف نشاط الحفر والاستكشاف جنوباً، علماً أنه عند إنجاز هذه المَهمّة ستغادر الباخرة TRANSOCEAN BARENTS لبنان فوراً”.
وتؤكد هايتايان “وجود اتصالات على مستوى عالٍ جداً، إن بين الدولة اللبنانية وائتلاف شركات النفط العالمية “توتال” و”إنّي” و”قطر للطاقة” من جهة، وبين ائتلاف الشركات والجانب الإسرائيلي من جهة أخرى والتواصل معه للاطلاع على تطوّرات الوضع وجَسّ التوجّه إن كان نحو التأزّم والتصعيد أو نحو التهدئة، لمعرفة ما إذا كان سيقرّر، أي الائتلاف”، المضي في أعمال الحفر والاستكشاف أو تعليقها”.
في السياق، لم تغفل الإشارة إلى المعلومات التي كشفت أن شركة النفط العالمية “شيفرون” ستُقفل حقل “تامار” بطلب من الحكومة الإسرائيلية نظراً إلى مخاطر استهدافه من جانب “حماس” والقوى الفلسطينية الأخرى…
وتقول هايتايان: في حال تطوّرت الأمور في الأيام المقبلة، وتطوّرت دائرة الاستهداف الأمني المباشر، من الممكن عندئذٍ أن تتخذ موجوعة “توتال إنرجي” قراراً بتوقيف النشاط البترولي جنوب لبنان إلا إذا حصلت على طمأنة من جانب ما، إلى أن لبنان في منأى عن التصعيد الأمني.
فلنترقب كل يوم بيومه” إلى حين حلول موعد انتهاء عمليات الحفر والاستكشاف في الـ”بلوك رقم 9″، علَّ النتائج الموعودة تُزيل القلق والخوف من حربٍ قادمة، لبنان وشعبه واقتصاده… في غنى عنها”.