في السادس من أيلول الجاري، تقدّمت بلدية الغبيري أمام النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان بشكوى، مع اتخاذ صفة الادّعاء الشخصي، ضد شركتي «موصلي» و«صيداكو» اللتين تعملان في تعبئة الغاز، بسبب «مخالفتهما القرارات الصادرة عن وزارة الطاقة والمياه وبلدية الغبيري». وفق نصّ الشكوى، لم تلتزم الشركتان بالسعر الذي حدّدته وزارة الطاقة لقارورة الغاز (سعة 10 كلغ) في مراكز التعبئة بـ82 ألفاً و900 ليرة، واستمرتا في تقاضي 91 ألفاً و400 ليرة ثمناً للقارورة، وهو سعر البيع الذي حدّدته الوزارة للمحلات التجارية. ما يعني أن الشركتين تتقاضيان إضافة إلى ثمن القارورة كلفة النقل وهامش الربح المحدد لأصحاب المحلات رغم أن البيع يحصل في مراكزها!
وقد سبق لجوء البلدية إلى القضاء إصدارها قرارين مستقلّين طلبت فيهما من الشركتين الالتزام بتسعيرة الوزارة وإعادة المبالغ الناتجة عن فروقات الأسعار المأخوذة من المواطنين خلافاً للقانون.
رداً على ذلك، عمدت الشركتان إلى إقفال أبوابهما أمام الأفراد وتوقفتا عن البيع داخل مركزيهما، «وفي الوقت نفسه عمدتا إلى بيع القوارير بواسطة الكميونات خارج الشركات ولأصحاب المحلات التجارية وفي السوق السوداء، ما حرم الأفراد من الاستفادة من التسعيرة المعتمدة داخل مراكز التعبئة وألزمهم بالشراء من الكميونات والمحلات التجارية والسوق السوداء بأسعار خيالية» على ما ورد في نص الدعوى. وطلبت البلدية بالادّعاء على الشركتين بجرم المادة 770 عقوبات (مخالفة قرارات البلدية ووزارة الطاقة) وإلزامهما فتح أبوابهما أمام الأفراد لشراء الغاز بالسعر الذي تحدده وزارة الطاقة والمياه داخل مراكز التعبئة.
لم تكن هذه الدعوى الإجراء الوحيد الذي اتخذته البلدية بشخص رئيسها معن الخليل. إذ تقدّم الأخير بشكوى أمام النيابة العامة المالية في الموضوع نفسه، وأرسل كتاباً إلى وزارة الاقتصاد والتجارة يشكو فيها مخالفة الشركتين وممارستهما «الابتزاز»، إذ «يُصبح المواطن أمام خيارين، إما دفع نحو عشرة آلاف ليرة إضافية داخل مركز التعبئة أو اللجوء إلى المحلات التجارية التي تُمارس التقطير في البيع بأسعار توازي أسعار السوق السوداء حيث يفوق سعر قارورة الغاز 120 ألف ليرة»، على ما يقول خليل لـ«الأخبار». داعياً الشركتين إلى إبراز المُستندات التي تثبت أنهما مركزا بيع تجاريان. في اتصال مع «الأخبار»، لم يُجب المعنيون في شركة «موصلي» عن سبب اعتماد الشركة تسعيرة البيع بـ91 ألفاً و400 ليرة بدلاً من المبيع بـ82 ألفاً و900 ليرة كما ينص القرار، كونها والشركة الأخرى تعدان مركزين للتعبئة. واكتفى هؤلاء بالقول إن «الشركة تسلّم قوارير الغاز للعملاء ولأصحاب المحلات التجارية بسعر الجملة»، وأنهم عرضوا «هذه الصيغة على المدير العام لوزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر وقد وافق عليها!».
اللافت أن الشكاوى لم تلقَ آذاناً صاغية لدى المعنيين في القضاء والوزارات المختصة، فيما يبدو أن أصحاب الشركتين يحاولون اللعب على الوتر المذهبي لمواجهة شكاوى البلدية. علماً أن شوائب عدم تشوب عملهما. فوفقاً لمصادر في البلدية، أقيمت منشآت الشركتين فوق عقار متعدّى عليه، وهما تفتقدان للتراخيص التي تسمح لهما بتخزين وتعبئة ونقل المُشتقات النفطية (تستفيد الشركتان من المهل الإدارية الصادرة في وزارة الصناعة). كما تخالفان الشروط التنظيمية العامة لمجمعات المشتقات النفطية السائلة وصهاريج النقل ومحطات التوزيع وتخزين وتعبئة المحروقات المسيلة التي نصّ عليها المرسوم رقم 5509 الصادر في 11/08/1994، لجهة عدم تطبيق شروط السلامة العامة من أجل الحؤول دون حوادث كارثية على المنطقة المحيطة بالمراكز. أضف إلى ذلك أن القانون أساساً يفرض شروطاً قاسية لا تنطبق على الشركتين للبيع بـ«المفرق»، وهو «ما تغاضينا عنه كون ذلك أصبح أمراً واقعاً منذ أيام الحرب الأهلية ولتسهيل الأمور على المواطنين وإتاحة الفرصة أمامهم للحصول على هذا المنتج بأسعار أقل، وهو ما لا يحصل»، بحسب الخليل.