في ظلّ الأزمة المالية، تقف معظم البلديات على شفير الإفلاس، وهي بالكاد قادرة على تأمين رواتب موظفيها وأجرائها، مع انقطاع «إمداداتها» من الصندوق البلدي المستقل. بذلك، باتت جباية الرسوم البلدية مصدر الدخل شبه الوحيد لمعظم البلديات. ورغم أن الجباية، حالياً، تبدو أمراً صعب المنال، في ظل الأزمة التي تصيب الجميع، وفي ظل قانون تعليق المهل، إلّا أنها كانت دائماً في أسفل سلّم اهتمامات البلديات، ووفق عدد من رؤساء المجالس البلدية، لم تتعدّ نسبتها الـ 35 في المئة «في أيام الخير». إذ إن التهرّب من تسديد الرسوم البلدية بات «سمة» من سمات المجتمعات المحلية التي اعتادت سياسة غض النظر والتسامح والإعفاء غير القانوني من مترتّبات الدفع، وخصوصاً من فئات اجتماعية تعدّ «قادرة» على الدفع، ويُفترض أن تشكّل «قدوة»، إلا أنها تتمنّع عن ذلك، محتمية بـ«مواقعها المرموقة».
إذ إن قسماً كبيراً من الوزراء والنواب والضباط في مختلف الأسلاك العسكرية والأمنية لا يسدّدون الرسوم البلدية المتوجبة عليهم ضمن نطاق سكنهم. والمفارقة أن عدداً كبيراً من القضاة، ممن يفترض بهم السهر على تطبيق القوانين، تتراكم الرسوم البلدية عليهم من سنة إلى أخرى، رغم أنّ الرسوم المفروضة عليهم، تحديداً، لا تتعدّى نسبتها الـ 1.5% من القيمة التأجيرية للمسكن وهي مرتبطة بتكاليف الأرصفة والمجارير، فيما يتم إعفاؤهم من نسبة الـ 5% المفروضة كرسوم للسكن والتي يدفعها بقية المُكلّفين.
وعليه، فإنّ القانون يُلزم البلديات بضرورة استيفاء الرسوم وعدم فرض الإعفاء من أي رسوم، وإلا عُدّ رئيس البلدية شريكاً في هدر المال العام. إلا أن المعضلة الفعلية تكمن في الوضع الراهن حيث الأزمة الاقتصادية تلقي حملها على معظم الفئات الاجتماعية العاجزة حالياً عن تسديد القوت اليومي، «فيما لم تعد الرسوم المفروضة أصلاً تكفي التجهيزات وتكاليف الأعمال التي تقوم بها البلديات نتيجة انهيار سعر الصرف الرسمي»