يؤكد عميد كلية إدارة الأعمال في “جامعة الحكمة” البروفيسور جورج نعمة، أنه “من جهة السياسة النّقدية، هناك الكثير من المتغيّرات التي حصلت منذ 17 تشرين الأول 2019، واليوم السعر الثابت لصرف الليرة مقابل الدّولار المطبّق منذ 25 عاماً إنتهى فعلياً، وما يحصل في السّوق أن سعر الصّرف بات عائماً، يتحكم به العرض والطّلب بوجود المضاربة، وهو ما يسري على غالبية السّلع، ما عدا المدعومة منها ويواصل مصرف لبنان تأمين الدّولار لها.
ويضيف: “نحن عملياً، دخلنا في تعويم الليرة، ولكن بقي دعم بعض السّلع، ونحن في صلب هذه المرحلة، وتعويم الليرة اليوم، يُعدُّ شرطاً أساسياً لإعادة إطلاق العجلة الاقتصادية، ولكن هناك محاذير وخطوات يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار، حتى نعتمد سعر الصرف العائم، ونحصل على نتائج إيجابية، ونتفادى التّضخم المفرط والتراجع المتزايد في القدرة الشرائية للمواطنين.
كشفت آخر إحصاءات مصرف لبنان ارتفاعاً متواصلاً للكتلة النقدية المتداولة، حيث بلغت قيمته في منتصف شهر آذار 35.980 ألف مليار ليرة مقارنة مع 34.487 ألف مليار ليرة في نهاية شباط، أي بزيادة 1493 مليار ليرة خلال 15 يوماً.. ما تبعات ذلك؟
“عملية طبع النّقد وإغراق السّوق بالعملة الوطنية، تفرض تضخماً مفرطاً، وتراجعاً إضافياً في سعر صرف الليرة مقابل الدّولار، ولمعرفة سبب الارتفاع الكبير في الكتلة النقدية المتداولة في السّوق خلال الشهرين الماضيين، يجب رصد الاستحقاقات في حينها، وهي استحقاقات مصرفية أساسية من ناحية زيادة الرساميل، ورفع السيولة بنسبة 3%، إضافة إلى الكثير من المضاربات وحاجة التجار إلى العملة الصعبة، وما يجري من استنفار عام لمرحلة رفع الدّعم الحتمية، وهو ما زاد من مستوى تخزين الدّولار وعدم بيعه، ما أدى إلى ارتفاع في سعر صرف الدّولار، وتسريع مسار الإنهيار.
تراجع الدّولار المفاجئ حالياً.. ما أسبابه؟
“السّوق حالياً، يخضع لمبدأ الدّولار العائم القائم على العرض والطّلب، واللبنانيون اليوم يعانون من أزمة فقدان الثّقة، وهذه الحالة تحتِّمُ وجود نسب أعلى في مرونة السّوق، بمعنى أنه من يريد أن يضارب اليوم على الدولار في حال كانت المرحلة طابعها مستقرّاً، فإنه يحتاج كميات كبيرة من النّقد الأجنبي ليدخل السّوق مضارباً، بينما الحالة الحالية المتمثلة بفقدان الثّقة، المضاربة بمبالغ صغيرة تعطي نتائج كبيرة في تحرّك الدّولار صعوداً أو هبوطاً، كما نرى حالياً في السّوق، وتحسُّن سعر صرف الليرة اليوم، لا يعني أنّ الاقتصاد يتعافى، وأن الظّروف تسير للأفضل، فالمرحلة اليوم هي للمضاربة وفقدان الثّقة التّامة، ولا توجد أيّة ضوابط تحكم السّوق.
هل بالإمكان إصدار عملات نقدية من فئات أكبر مثل 500 ألف ليرة ومليون ليرة لتسهيل المعاملات وتوفير كلفة طباعة العملات الورقية؟
طباعة الأوراق النقدية من الفئات الأكبر، يُعدُّ مؤشراً على أننا نواصل مسار زيادة مستوى التضخم المفرط أساساً، والإنهيار الإضافي في قيمة العملة الوطنية. وهناك عامل نفسي يحكم هذا الإجراء، إذ إن رؤية ورقة نقدية واحدة من فئة المليون الليرة، ستساهم في تزايد فقدان الثّقة، فيما التداعيات ستكون أيضاً كارثية.”