نفاد الاحتياطي سيسبق رفع الدعم

تحوّلت قضية “الدعم والتهريب” إلى ما يشبه لعبة “القط والفأر” الشهيرة، حيث السباق بينهما لا ينتهي أبداً. الدعم “العبثي” يلاعب المهربين ولا يصطادهم. وفي المقابل، يستمر “برمي” الأدوية والمواد الغذائية والمشتقات النفطية المدعومة لهم، ليحققوا مبالغ طائلة ببيعها إلى الخارج.

الدعم العشوائي على الدواء كلّف لبنان في العام 2020 بحسب أرقام “الكتلة الوطنية” ما يقارب 322 مليون دولار، وإذا أضفنا إلى هذا المبلغ دعم المعدات الطبية بقيمة 122 مليون دولار، يرتفع الرقم الإجمالي إلى 444 مليون دولار. و”النتيجة: لا دواء”، تقول الدكتورة الصيدلانية منار أنيس موسى. “فالشركات والمستودعات لا تسلّم الأدوية بالكميات الكافية وبالتوقيت المناسب. والمواطنون يطلبون الدواء بالجملة، ويخزنونه خوفاً من انقطاعه أو ارتفاع سعره. وتجار “الشنطة” بين لبنان والدول المجاورة لا يكلّون ولا يهجعون عن جمع الأدوية لبيعها في الخارج”.

بالاضافة إلى الدعم المترافق مع انهيار سعر الصرف، فان “مشكلة الهدر في سوق الدواء في لبنان لا تعود إلى يومنا الحاضر”، بحسب موسى، “بل هي نتيجة سنوات من تخفيض أسعار أدوية “الماركات” Brands من دون أي دراسة لآثارها الاقتصادية، وحتى قبل تخفيض أسعار أدوية “الجنريك الجنيسي”.

يتحمل أصحاب الصيدليات في هذه الازمة الضرر الاكبر. فعمولتهم المحددة بـ22.5 في المئة على بيع الدواء (يذهب منها 2.5 في المئة للمالية)، ما زالت تقبض على 1515، في حين أن كل الاكلاف المعيشية زادت عليهم بأضعاف. حتى أن المصاريف اللوجستية في الصيدلية كتغيير محابر آلات الطباعة، والأكياس والامور المتعلقة بـ”الديكور” تحتسب على أساس 9000 ليرة. ومع هذا كله تُخفّض أسعار الأدوية باستمرار، وتنخفض معها نسبة ربح الصيدلي.

وفي ظل حالة التخبط بين الحكومة والوزارات من جهــة، ومصرف لبنــان والمؤسسات الخاصة من جهة ثانية، يبدو ان الدعم لن يرفع اختياريــاً، لا بشكــــل كلي ولا جزئي، إنما نفاد الاحتياطي من العملة الصعبة، سيضع الجميع أمام موقف صعب، كان بالامكان تفاديه باعتماد الدعم المباشر للعائلات المحتاجة والبدء بخطة الاصلاح.

 

مصدرنداء الوطن - خالد أبو شقرا
المادة السابقةسلامة يُراسل المنظّمات الدوليّة: هاتوا الدولارات!
المقالة القادمةمشاهد جديدة من الفقر: نفايات متناثرة وأكياس مفتوحة في الحاويات