نفايات ومياه مبتذلة وكسّارات ومصانع ومسالخ: وادي الكفور بؤرة تلوّث بـ«رعاية» الدولة والبلديات

مطلع عام 2000، قرّر اتحاد بلديات الشقيف (27 قرية) توحيد مكبات نفاياته الصلبة في منطقة مصنّفة «صناعية»، واختير وادي الكفور (قضاء النبطية) الذي يُعدّ جغرافياً نقطة وسط بين قرى الاتحاد، لاستقبال نحو 100 طن يومياً من النفايات الصلبة التي تنتجها هذه البلدات.

المنطقة المصنّفة «صناعية» لا تزيد مساحتها على أربعة كيلومترات مربّعة، أُقيمت فوقها سابقاً منشآت صناعية وحرفية ملوّثة للبيئة، واختارها مجلس الإنماء والإعمار ووزارة البيئة واتحاد بلديات الشقيف لإقامة معمل لفرز النفايات الصلبة ومعمل لمعالجة مياه الصرف الصحي.

وأخيراً، وجّهت بلدات زبدين وحاروف (الحي الشمالي) وتول والكفور والدوير (الحي الشمالي والشرقي) والشرقية مياه الصرف الصحي العائدة لها نحو الوادي لمعالجتها في المعمل الذي وُضع قيد التنفيذ أخيراً.
عليه، فإن الوادي الذي يُعدّ مجرى مائياً تتغذّى من مياهه الجوفية آبار تفاحتا التي يشرب منها نصف سكان الاتحاد، وآبار جوفية أخرى تقع في حوضه، يضمّ حالياً: معملاً لفرز النفايات (متوقف عن الفرز منذ ستة أشهر)، معملاً لمعالجة مياه الصرف الصحي (يعمل حالياً بنسبة 20 في المئة من طاقته)، معملاً لـ«تدوير» الدواليب المطاطية المستعملة تُحرق لاستخراج زيوت ديزل وغيرها منها، وقد صدر قرار أخيراً عن وزير الصناعة عماد حب الله بإقفاله وختمه بالشمع الأحمر، إلا أنه لم يُنفّذ)، مسلخاً لذبح المواشي (يعمل بربع طاقته)، كسارتين مع جبّالة زفت ومجبل باطون (لا يعملان حالياً، ويُنقل إليهما البحص والبودرة من كسارات في مزرعة بصفور والعيشية والبقاع)، معملاً لكبس حجارة الباطون، معملاً لصنع الألومينيوم، زريبة أبقار صغيرة، ومكبات نفايات لـ 85 بالمئة من قرى اتحاد بلديات الشقيف تنتشر عشوائياً في الوادي وفي أودية مجاورة تابعة لبلدة الكفور. أضف الى ذلك أن نحو 20 من بلدات الاتحاد تجمع المياه المبتذلة من الجور الصحية (fossesseptiques) وتفرّغها غالباً في هذه الأودية، أو في مجاري السيول الشتوية.

كلّ من هذه المنشآت تمارس كل أنواع العمليات المخالفة للقوانين والقواعد التي تحافظ على سلامة البيئة والمحيط الجغرافي. وبعدما تقدّم عدد من المحامين بدعوى أمام قاضي الأمور المستعجلة، طالبين تكليف خبير بيئي للكشف على الوادي الملوّث، تبيّن لنا أن المنشآت القائمة في الوادي تشكل بؤرة تلوّث شديد الخطورة. يؤدي ذلك كله إلى تلوث مياه الخزان الجوفي المتجمّع في أعماق الوادي، والذي يغذي منظومة آبار تفاحتا (تؤمن مياه الشفة لنصف سكان قرى الاتحاد).

الدولة ومؤسساتها هي المسؤول الأول. إذ أن لوحة الإعلانات المثبتة عند مدخل «المجمّع الصناعي» تشير إلى أن مؤسسات حكومية ومحلية نفّذت بعض هذه المنشآت، من بينها مجلس الإنماء والإعمار ووزارة البيئة واتحاد بلديات الشقيف. كما أنها هي من أعطت رخصاً للكسارات ومعامل جبل الزفت والباطون، لكنها عجزت عن مراقبة نشاطاتها المخالفة، وعن ردع مخالفات رمي النفايات في مكبات عشوائية تعتمل فيها النيران طوال الوقت ويتصاعد منها الدخان على مدار الساعة.

مصدرجريدة الأخبار - حسين رمال
المادة السابقةشركات السيارات تتهيأ بأفضل ما لديها في «معرض شنغهاي»
المقالة القادمة«اليونيفيل» تتراجع: تجميد كاميرات التجسّس أسبوعاً