تتفاعل أزمة النقص الحادّ في مخزون القمح لدى الحكومة السورية، للمرّة الأولى في كل السنوات التي مضت من عمر الحرب، بسبب الحصار والعقوبات المفروضة، أوروبياً وأميركياً، آخرها ما جاء ضمن صيغة قانون «قيصر» الأميركي
تقدّر «منظمة الأغذية والزراعة» أن حوالى 700 ألف طن من المحصول الإجمالي تُزرع في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة هذا العام. غير أن محافظات الحسكة والرقة ودير الزور، التي تنتج أكثر من 70% من الإنتاج الكلي، تقع في معظمها في أيدي «قوات سوريا الديموقراطية» المدعومة من واشنطن. وهذا العام، للمرّة الأولى، لجأت «قسد» إلى رفع سعر شراء القمح المحلّي إلى مستوى أعلى من التسعيرة الحكومية، بل ربطته أيضاً بالسعر السائد للدولار، وتعهّدت بدفع 17 سنتاً أميركياً للكيلوغرام الواحد مهما انخفض سعر الليرة، ما شكّل إغراءً للمزارعين المحليين ودفع معظمهم إلى بيع محاصيلهم للإدارة الذاتية الكردية، لا الحكومة السورية. وبالإضافة إلى التنافس على الشراء هذا، تمنع القوات الكردية أي مزارع في مناطق سيطرتها من بيع محصوله إلى الحكومة. ونقلت «رويترز عن رئيس مجلس الاقتصاد والزراعة في شرقي الفرات، سلمان بارودو ، قوله إنه «تم حتى الآن شراء 400 ألف طن»، كما «حذّر من أي محاولة لتهريب المحصول خارج المنطقة».
وتعدّ روسيا ــــ أكبر مصدر للقمح في العالم ــــ مورّداً دائماً للقمح إلى
سوريا، لكن حجم مساعدات القمح الروسي لا يلبّي كل طلب دمشق. وقال مصدر في قطاع القمح الروسي لـ«رويترز» إن «الإمدادات مستمرة. ومع ذلك هناك مشاكل في السداد وفي توفّر السفن المستعدّة لتسليم شحنات لتلك الوجهة»، بسبب العقوبات الغربية والأميركية. وقدّر المصدر أن «حوالى 150 ألف طن فقط من مبيعات القمح التجارية، وصلت إلى سوريا في الفترة من تموز/ يوليو 2019 إلى أيار/ مايو 2020». وقال ممثّل «منظمة الأغذية والزراعة» التابعة للأمم المتحدة في سوريا، مايك روبسون، لـ«رويترز»، إن «ثمّة أدلّة بالفعل على أن الناس بدأوا يستغنون عن وجبات». وأضاف: «إذا ظلّت العملة تحت الضغط، فسيكون من الصعب الحصول على الواردات، وربما تشهد الأشهر التي تسبق محصول القمح لعام 2021 نقصاً حقيقياً». وفي خلال الأشهر الستة الأخيرة وحدها، تشير بيانات «برنامج الأغذية العالمي» إلى أن «عدد الذين يُقدّر أنهم لا يشعرون بالأمن الغذائي في سوريا ارتفع من 7.9 ملايين فرد إلى 9.3 ملايين».
المصدر: الأخبار