خَفَّضَ البنك الدولي توقعّاته السابقة لنسبة النموّ الإقتصادي في لبنان للعام 2018 من 1.0% إلى 0.2% الأمر الذيّ يعكس ضعف الحركة الإقتصاديّة في البلاد، مرتقِباً أن تبقى هذه النسبة متدنّية عند 0.9% في العام 2019 و1.3% في العام 2020 و1.5% في العام 2021. في التفاصيل، سَلطََّ التقرير الضوء على تعليق مصرف لبنان قروضه المدعومة، الأمر الذيّ كان له أثراً سلبيّاً على القطاع العقاري، بحيث إنكمشت تسليمات الإسمنت بنسبة 5.3% سنويّاً خلال فترة الأشهر الأحد عشر الأولى من العام 2018. بالإضافة إلى ذلك، عزا البنك الدولي التراجع الإقتصادي إلى الإرتفاع الطفيف في الحركة السياحيّة، بحيث إرتفع عدد السيّاح القادمين إلى لبنان فقط بنسبة 5.8% خلال العام 2018 (وهي نصف النسبة المسجّلة خلال العام 2017). أمّا فيما يختصّ بالتجارة الخارجيّة، ودائماً بحسب التقرير، فقد علقّ البنك الدوّلي على أنّ الإنخفاض السنوي بنسبة 13.6% في فاتورة الإستيراد أدىّ إلى خفض العجز في الميزان التجاري بنسبة 16%، مشيراً إلى أنّ صافي الصادرات المحرّك الأساسي لنموّ الناتج المحلّي. على صعيد الماليّة العامّة، قدرّ البنك الدولي عجز الموازنة العامّة للبنان عند 11.5% من الناتج المحّلي خلال العام 2018 مقارنةً ب7% في العام 2017، بالرغم من تعهّد لبنان في مؤتمر سيدر في نيسان 2018 بتقليص عجز الموازنة بنقطة مئويّة واحدة في السنة على فترة خمس أعوام. بالإضافة إلى ذلك، ذكر البنك الدولي أنّ الرصيد الأوّلي للموازنة قد تحوّل من فائض بنسبة 2.3% من إجمالي الناتج المحلّي في العام 2017 إلى عجز بلغ 1.8% من الناتج المحلّي من العام 2018، في ظلّ إرتفاع المصاريف الجارية والتحويلات الكبيرة لشركة كهرباء لبنان والزيادة في التحويلات إلى البلديّات بنسبة 266% سنويّاً خلال فترة الأشهر التسعة الأول من العام 2018 بعُيد الإنتخابات النيابيّة. وقد لفت التقرير إلى إرتفاع معدلّ الفوائد على الودائع بالدولار الأميركي ب274 نقطة أساس وب143 نقطة أساس على الودائع بالليرة اللبنانيّة خلال الفترة الممتدةّ بين تشرين الأوّل 2017 وكانون الأوّل 2018. من منظارٍ آخر، ذكََرَ البنك الدولي إرتفاع معدلّ تضخّم الأسعار في لبنان بنسبة 6.1% خلال العام 2018، ما يعزى بشكلٍ كبيرٍ إلى زيادة أسعار السلع عالميّاً )خاصّةً منتجات الوقود( ومرور سنتين على مستوى تضخّم سلبيّ. وقد سلطّ التقرير الضوء على إنكماش صافي الموجودات الخارجيّة للقطاع المالي ب4،823 مليون د.أ. في العام 2018 مقابل تراجع ب156 مليون د.أ. في العام 2017، بالرغم من التحسّن في الميزان التجاري. تبعاُ لذلك، تراجعت إحتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبيّة )من ضمنها سندات الدين بالعملة الأجنبيّة “يوروبوند”( إلى 39.7 مليار د.أ. مع نهاية العام 2018، مشكّلةً حوالي 13.5 شهراً من إستيراد السلع والخدمات. وقد توقّع البنك الدولي أن تبقى الآفاقً الإقتصاديّة ضعيفة، مع تفاقم خدمة الديّن وإرتفاع عجز الموازنة كنسبةٍ من الناتج المحلّي الإجمالي بالرغم من تعهُّد الحكومة بتقليص هذه النسبة. أخيراً، أشار التقرير إلى تلقفّ الأسواق الماليةّ لخبر تشكيل الحكومة بإيجابيّة إلاّ أنه حذرّ بضرورة ترابط هذا التشكيل بإصلاحات في الأمد المنظور.
وكان البنك الدولي قد أصدرَ هذا الأسبوع تقرير حول الآفاق الإقتصاديّة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحت عنوان “الإصلاحات والإختلالات الخارجيّة: علاقة الإنتاجيّة العماليّة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، والذي يتوقَّع من خلاله أن يشهد إقتصاد المنطقة أداءً متواضعاً خلال السنوات القليلة القادمة بنسبة نموّ تتراوح بين 1.5% و3.5% خلال الفترة الممتدةّ بين العام 2019 والعام 2021.
وقد حثّ البنك الدولي قادة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على العمل على تحسين الإقتصاد الرقمي وهو الأمر الذي إن طبقّ، سيسم لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتخطّي عدةّ بلدان متقدمّة إقتصاديّاً في مجال “التغطية ونوعيّة الخدمات الخليويّة وخدمات الإنترنت” وفي مجال الدفعات الرقميّة. وأشار التقرير أيضاً إلى تحدٍّ جديد لإقتصادات المنطقة وهو خلق إصلاحات بنيويّة لتخفيف العجز في حساب الميزان الجاري عبر تحسين الإنتاجيّة العماليّة. وقد علقّ التقرير أنّه بعد التصحي في أسعار النفط فقد أصب من المتوجّب على الدول التي كانت تموّل العجز في الحساب الجاري لدى بعض الدول الأخرى التيّ تتعامل معها أنّ تواجه العجز في حسابها التجاري. ودائماً بحسب البنك الدولي، يجب تقليص العجز في حساب الميزان الجاري لدول المنطقة في الأمد المتوسّط إلى البعيد عوضاً عن إنتظار تدفّق الرساميل لتحويل هذا العجز إلى الفائض.