رصد مجلس الذهب العالمي نموا في الطلب على المعدن الأصفر خلال الفترة الماضية، وذلك نتيجة تسابق البنوك المركزية، وخاصة الغربية، على تعزيز احتياطياتها بوجه التقلبات الاقتصادية المستمرة.
وارتفع الطلب العالمي على هذا المعدن بنحو 5 في المئة خلال الربع الثالث من 2024، مسجلا رقما قياسيا جديدا خلال هذه الفترة من العام، حيث فاق استهلاك المعدن النفيس 100 مليار دولار للمرة الأولى.
وذكر المجلس في تقرير أصدره الأربعاء أن هذه الزيادة، التي بلغت 1313 طنا، اعتمدت على الغرب، بما في ذلك زيادة في عدد الأفراد الأثرياء ساعدت على تعويض تراجع الإقبال في آسيا. كما صعدت مشتريات المستثمرين في الصناديق المتداولة بالبورصة المدعومة بالذهب خلال ربع السنة الحالي بعد فترة طويلة من تخارج الاستثمارات منها.
وصعدت أسعار الذهب خلال العام الحالي بأكثر من الثلث، وسجلت أرقاما قياسية متتالية. واعتمدت هذه القفزة على مشتريات قوية من البنوك المركزية، وزيادة طلب المستثمرين الأثرياء. وساهم تحول الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) إلى خفض أسعار الفائدة في تحقيق الارتفاعات الأخيرة.
وقال جون ريد، كبير محللي السوق في مجلس الذهب العالمي “تحولت بوصلة الطلب هذا العام من تكثيف المشتريات في السوق خارج البورصة داخل الأسواق الناشئة والأثرياء الموجودين فيها، إلى مشتريات أكبر بكثير من قبل الغرب”. وتجري المعاملات خارج البورصة عادة من خلال الوسطاء أو بين المشترين والبائعين مباشرة.
وحقق الذهب رقما قياسيا فوق 2782 دولارا للأونصة في تعاملات الأربعاء، وسجل المعدن النفيس مكاسب في كل شهر تقريبا من هذا العام، باستثناء تراجع طفيف خلال يناير، وثبات الأسعار في يونيو.
وأكد ريد في مقابلة مع وكالة بلومبيرغ أن حقيقة أن الحركة التصحيحية كانت بسيطة ولفترة قصيرة للغاية تُعد مؤشرا قويا للإقبال على الشراء خوفاً من تفويت الفرصة، في إشارة إلى ما يعرف بخوف المستثمرين من إهدار فرصة تحقيق الأرباح.
ومع بدء دورة خفض الفائدة، يتوقع مجلس الذهب العالمي زيادة الأموال المخصصة للاستثمار في المعدن الأصفر، مع تزايد الأسباب التي تدفع المستثمرين إلى السعي لحيازة هذه الأصول الآمنة بسبب حالة الغموض الجيوسياسي خاصةً تلك التي تحيط بالانتخابات الرئاسية الأميركية المقرر انعقادها في الأسبوع المقبل.
وكانت التدفقات الاستثمارية عاملا رئيسيا في ارتفاع المعدن بنسبة 13 في المئة خلال الفترة بين يوليو وسبتمبر الماضيين. ووصل إجمالي الطلب على الصناديق المتداولة في البورصة والسبائك والعملات المعدنية إلى أقوى مستوياته منذ اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا في عام 2022.
واستمرت مشتريات البنوك المركزية، حيث كانت البنوك في بولندا والمجر والهند من بين أكبر المشترين، حتى مع تباطؤ وتيرة النشاط الرسمي. وانخفض الطلب على الحلي والمجوهرات، حيث أضر ارتفاع الأسعار القياسي بالاستهلاك.
وبالنظر إلى المستقبل، قد تصبح مخاوف المالية العامة، لاسيما تضخم مستويات الديون الحكومية في الولايات المتحدة، هي المحرك الأقوى لأسعار الذهب، بحسب ما أشار إليه ريد.
وقال إن هناك مخاوف، بما في ذلك عند صندوق النقد الدولي “من أن العجز كبير للغاية ويحتاج فعلاً إلى التسوية. وهذا هو عامل الجذب الأساسي في إقبال المتداولين خارج البورصة على زيادة حيازاتهم من الذهب”.
ومن أبرز الأحداث المؤثرة قدرة روسيا على الحفاظ على علاقاتها التجارية والنمو رغم استبعاد بنوكها الكبرى من نظام شبكة سويفت العالمية للمدفوعات المالية.
وتظهر بيانات سويفت الأخيرة أن حصة الدولار الأميركي في المدفوعات الدولية بقيت مستقرة نسبيا في السنوات الأخيرة، إذ بلغت أقل من 50 في المئة بقليل، وتفوقت بشكل كبير على العملات الأخرى، لكن المعاملات باليوان الصيني ارتفعت خلال الشهور الأخيرة.
أما الحدث الآخر فهو الأوضاع في الشرق الأوسط، إذ ترى العديد من الدول أن الولايات المتحدة دولة “داعمة غير متسقة مع مبادئها” على صعيد قضايا حقوق الإنسان واحترام القانون الدولي.