يقوم حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري بسلسلة اتصالات ومباحثات مع عدد من المسؤولين في العاصمة الاميركية، من وزارة الخارجية الى وزارة الخزانة، مروراً بأعضاء في «شبكة إنفاذ الجرائم المالية»، في محاولة لإنقاذ سمعة القطاع المصرفي في لبنان، ولقد صَرّح بوضوح: المركزي والمصارف أنجزت ما عليها… حاسبوا الحكومة.
ونقول للحاكم: لا لم تنجزوا شيئاً لا أنتم ولا المصارف، والبحث عن علاج في الخارج من دون نشر وتوضيح ما حصل هو إضاعة الوقت وتهرّب من المسؤوليات.
البحث عن علاج قبل ذلك هو خطأ.
تصريح الحاكم يأتي في الوقت الذي تتم فيه ملاحقة بنك «الاعتماد المصرفي» بشبهات ارتكاب جرائم تبييض أموال وتزوير واختلاس أموال عامة من المصرف المركزي، واحاديث اعلامية أن 100 مليون دولار اختفت من المصرف المركزي، وهي صرفت ضمن ما سمّي «حساب الاستشارات»، وسط شبهات باختلاس أموال عامة وتزوير داخل المركزي.
هذا يدل على ان «الأوَنطة» والهدر مستمران، فماذا ينتظر الجميع بعد؟ لقد سكتّم على ما حصل في الماضي وتحاولون لفلفة الموضوع، ولكن ألم تتعلموا من تجارب الماضي حتى؟ لتضمنوا على الاقل عدم تكرار ما حصل؟ ألم تقتنعوا بعد ان الشفافية هي الخلاص؟
ألا يوجد مخلصين لهذا البلد يناضلون لتطبيق الشفافية؟ ولماذا الخوف من الشفافية؟ من يخاف من النور ويفضّل العتمة معناه انه يخفي شيئاً. ومن لا تعنيه الشفافية بات يحق لنا ان نشك في افعاله ونواياه.
لم تخبروا الشعب بحقيقة ما حصل، ما نحصل عليه هو اخبار متقطعة في الإعلام ومن هنا وهناك، ضبابية في رؤية حجم المشكلة والأسوا انّ السلطة لا تسعى لكشف هذه الاوراق والتشخيص. فالعلاج لن يجدي اذا لم نعرف ما هو المرض وحجمه. والحلول لن تأتي من الخارج بل من الداخل.
لقد ناشدنا المركزي لكشف حساباته، ناشدنا المصارف لفتح اوراقها لتحديد حجم المرض. عدم استجابة هذا وهؤلاء يعني انهم يحمون بعضهم البعض (اي المركزي والمصارف).
نسيَ المركزي أن واجبه مراقبة المصارف لا مساعدتها على نهب الناس.
كما نتعجّب من صمت الزعماء الذين يصرّحون أن الودائع مقدسة ولكنهم لم يقوموا بأي تحرّك لتقديم إجابات للناس حول كيفية سرقة ودائعهم بالتفاصيل وإعادة جنى عمرهم.
نتعجب من صمت الوزراء الذين يقع على عاتقهم معالجة الوضع الإقتصادي، ولكنهم يجهلون أو يتجاهلون حقيقة ما يواجهون.
ونتعجب من النواب كيف انّهم لا يسعون لمعرفة ما حصل وهم من يمثلون الناس والمودعين، كيف يصمتون ويظهر لنا انهم لا يعرفون أو لا يريدون معرفة حقيقة ما حصل.
إن تقاعس السلطة هو الجريمة الاكبر. أفشَل سلطة وحكومة مَرّتا على لبنان. اين انتم من الحقائق؟ اين انتم من الارقام ؟ أين انتم من الأسئلة التي طالما سألناها في تحديد تفاصيل الجريمة؟
رحمة بالناس والمودعين تحرّكوا واكشفوا الحقائق، بدل السماح للمركزي والمصارف بتضييع المزيد من الوقت، هذا الوقت الذي يسمح للمصارف بتقليص إضافي للودائع.