هجرة المطاعم اللبنانية إلى الخليج.. والصناعات الغذائية تلحقها

فصل جديد من فصول الأزمة اللبنانية ينعكس على واقع قطاع المطاعم، ويظهر ذلك من خلال هجرة الكثير من المطاعم والمقاهي والمخابز إلى دول خليجية. في شوارع خليجية رئيسية، سواء في دولة قطر، أو الإمارات العربية المتحدة، تطل مجموعة من المطاعم اللبنانية أو كما يطلق عليها الفرانشايز اللبناني: مطعم وسناك “بربر”، “ملك الطاووق”، “العبدالله”، “فلافل خليفة”، “صهيون”، “wooden Bakery”، وغيرها الكثير من المطاعم التي شكلت جزءاً من ذاكرة اللبنانيين، نقلت شطراً من أعمالها، نهاية العام 2021، ومطلع 2022، إلى الخليج، بعد الخسائر التي لحقت بها.

ويؤكد محمد خضر- استشاري في تأسيس وتطوير المطاعم، وينتقل أسبوعياً بين دبي وبيروت والدوحة، ويدرس القدرة الشرائية في الخليج، وتكاليف تأسيس المطاعم، والقدرة على تطوير عملها- أن “هجرة المطاعم اللبنانية بدأت تتبلور في 2021. والسبب لا يتعلق بانهيار سعر الصرف فحسب، بل بغياب أي أفق لحل الأزمة في لبنان”. وعلى الرغم من عدم وجود إحصاءات تتناول الخسائر التي مني بها أصحاب المطاعم، يتوقع خضر أن تكون ناهزت 500 مليون دولار. وهو يرى أن التكلفة التشغيلية للمطاعم في لبنان باتت تفوق القدرة على استمرار وتيرة عملها. وهذا ما يجعل القطاع الأكثر تأثراً بالأزمة وتداعياتها.

والأرقام الأخيرة الصادرة عن نقابة أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي في لبنان، تشير الى انخفاض نسبة الأعمال إلى أكثر من 50 في المئة. ففي بداية العام 2019 كان عدد المؤسسات المطعميّة 8500 مؤسسة، من بينها مقاه وملاه و”باتيسري”. وانخفض العدد في العام 2020 إلى 4500 مؤسسة، ثم إلى 3400 في الأشهر الأولى من العام 2021. وقد تكون الأرقام أكبر وفق خضر، بعد اشتداد أزمة الكهرباء وغياب المازوت والبنزين.

صحيح أن جزءاً كبيراً من المطاعم اللبنانية خفض حجم أعماله في الفترة الماضية، وقلص من خيارات الأطعمة بسبب انهيار قيمة العملة اللبنانية، إلا أن ضغوطاً إضافية قد تضع القطاع أمام مرحلة اختبار جديدة. فقد بدأ العديد من أصحاب المطاعم والمقاهي، بالشكوى من مطالبة مزوديهم بالسلع الأساسية بضرورة تسديد الفواتير بالدولار “الفريش”، على الرغم من أن معظم هذه السلع تنتج في لبنان، ومن ضمنها الخضر والفاكهة.

وبدأ ملاك العقارات المطالبة بتسديد قيمة الإيجار بالدولار. وهذا يعني موجة جديدة من الاقفال، قد تطال ما تبقى من المطاعم في لبنان. وحسب محمد خضر الاستشاري في تأسيس المطاعم، فإن قيمة الإيجار بالدولار الفريش، قد تكون الضربة الأخيرة لانهيار القطاع، على اعتبار أن المطاعم تتقاضى من روادها بالعملة اللبنانية. وفي بعض الأحيان قد لا تكون الأسعار بالليرة اللبنانية موازية لأسعار الصرف، وبالتالي قد يدفع ذلك أصحاب المطاعم إلى ترك هذه المهنة، ما يؤدي إلى ضغوط اجتماعية جديدة على اللبنانيين.

لا تقف حدود الهجرة الاقتصادية على خروج المطاعم والمقاهي من لبنان، بل تتعدى ذلك لتطال قطاعات عديدة، منها هروب أصحاب الصناعات الغذائية. وهناك مئات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مناطق البقاع والشمال أقفلت أبوابها، خصوصاً المؤسسات المتخصصة بالصناعات الغذائية، والتي تساهم في تشغيل اقتصاد المناطق البعيدة عن العاصمة.

 

مصدرالمدن - بلقيس عبد الرضا
المادة السابقةخاصية جديدة:”ماسنجر” سيبلغك إذا التُقِطَ “سكرين شوت” لمحادثتك
المقالة القادمةبدء العمل على المتجر اللبناني الرقمي في الصين