توحي أسعار العقارات في مختلف المناطق اللبنانية انّ الأزمة المالية انتهت، مع عودتها في بعض المناطق إلى الاسعار التي كانت عليها قبل عام 2019. فهل هناك فورة عقارية في لبنان راهناً؟ هل من اسباب منطقية لذلك؟ ام انّ هناك علاقة بين تحرّك اسعار العقار والتعميم 165 الصادر عن مصرف لبنان؟
مثل معظم القطاعات، بدأ القطاع العقاري في لبنان يستعيد نشاطه بعد الأزمة المالية التي ألمّت بالبلاد، الّا انّ الأهواء تغيّرت قليلاً، فالشقق الكبيرة ليست هي المطلوبة، بل بيوت الضيافة والشاليهات والمشاريع الرياضية وغيرها من المشاريع التي لا تحتاج إلى استثمارات كبيرة، الّا انّها كفيلة بتحريك السوق قليلاً. ومع اقتراب موسم الصيف، بدأ الإقدام على استئجار شاليه او بيت ضيافة اشبه بالمهمّة المستحيلة، رغم انّ الاسعار نار وبالدولار الفريش. فهل عادت الحركة العقارية إلى طبيعتها؟
في السياق، تؤكّد نائب رئيس جمعية المطورين العقاريين ميراي قراب ابي نصر لـ«الجمهورية»، انّ اسعار الشقق في لبنان لم تزد عمّا كانت عليه قبل بدء الأزمة المالية، اي نهاية عام 2019، انما هي في الواقع بدأت ترتفع بعد التراجع الذي شهدته بسبب الأزمة. إذ خلال الاعوام 2020 إلى 2022 تراجعت اسعار العقارات في بعض المناطق ما بين 40 الى 50%، الّا انّها عادت لتزيد نحو 25% مقارنة مع السنتين الماضيتين، جازمة انّها لم تعد بعد مثلما كانت عليه قبل الأزمة.
وكشفت عن بعض الاستثناءات، حيث عادت الاسعار كما كانت عليه قبل الأزمة، وذلك منذ العام الماضي، مثل شراء او استئجار «شالية» قرب البحر. وقالت: «من كان يرغب ببيع الشاليه خاصته فعل ذلك مع بداية الأزمة، ومن لا يزال يحتفظ بها فلا نية ولا حاجة لديه لبيعها، ومن اراد ذلك فيبيع راهناً بالسعر الذي كان معتمداً قبل الأزمة، كذلك الامر ينطبق على الشاليهات في فقرا، إذ من يرغب بالبيع راهناً ليس مستعجلاً ولا يحتاج للمال، لذا يبيع بالسعر الطبيعي الذي كان سائداً قبل الأزمة، لأنّهم على ثقة بأنّ العقار سيعود الى سعره الطبيعي».
اما عن بقية المناطق، فتقول ابي نصر: «ما تغيّر اليوم انّ الحسومات التي كانت تلحق بالشقة لدى الشراء تقلّصت، بحيث لا تتعدّى الـ 20%، وما عاد ممكناً ايجاد اسعار مخفّضة بشكل خيالي، والاسعار المخفّضة في العاصمة تلحق فقط في penthouses (الروف او الطوابق العليا) لأننا لا نزال نعاني من أزمة الكهرباء وعدم قدرة على تشغيل المصاعد، لكننا نعتبر انّ هذه المشكلة مؤقتة ولا شك ستزول مع تحسن التغذية».
وعن الاسعار، تقول ابي نصر، انّه «قبل الأزمة كان سعر المتر المربع يتراوح في منطقة الاشرفية ما بين 4000 الى 5000 دولار، راهناً هو ما بين 3000 الى 3500 دولار، بينما تنخفض الاسعار في منطقة كرم الزيتون إلى ما بين 1800 و 2200 دولار/ متر مربع. أما بخصوص الشاليهات قرب البحر فتتراوح ما بين 7000 إلى 8000 دولار/ متر، مع العلم انّ هذه هي نفسها الاسعار كانت سائدة قبل الأزمة».
التعميم 165
وعن تأثر الحركة العقارية بالتعميم 165، خصوصاً بعدما كثر الحديث في الآونة الاخيرة عن انّ هذا التعميم الذي سيكون مرتعاً لتبييض الاموال سيصبّ لصالح القطاع العقاري، قالت ابي نصر: «انّ بوادر الحديث عن قرب انتخاب رئيس للجمهورية مضافاً اليها تحسن تغذية الكهرباء وتوفر المحروقات، أدّت إلى تحريك السوق العقاري، خصوصاً انّ اسعار العقار لم تعد بعد إلى السعر الذي كانت عليه قبل الأزمة، وهي لا شك ستعود بعد استتباب الاوضاع في لبنان وانتخاب رئيس»، جازمة انّه «حتى الساعة لم نلاحظ اي علاقة بين التعميم وتحرك السوق». كما أكّدت ابي نصر انّ السوق لم تشهد أي هجمة عقارية، انما لا شك هناك طلب على الشقق الصغيرة وطلب أكبر على شاليهات البحر، خصوصاً اننا على ابواب الصيف ونتوقع مجيء أعداد كبيرة من المغتربين. كما اشارت إلى انّ اسعار ايجار الشاليهات ارتفعت بسبب ارتفاع الطلب، وكلها بالفريش دولار، ويمكن القول انّ هذه المؤشرات تدل إلى موسم سياحي واعد.
ورداً على سؤال، أكّدت ابي نصر انّ «الوقت راهناً هو الافضل لشراء العقار لأنّ الاسعار تتجّه مستقبلاً نحو مزيد من الارتفاع، خصوصاً اذا عادت القروض السكنية». وشدّدت على انّ العقار في لبنان لا يزال مطلوباً رغم كل شيء، والأكثر طلباً هو الشقق الصغيرة في العاصمة، لا سيما في الاشرفية. واستصعبت ابي نصر عودة حركة المشاريع الاستثمارية قريباً بسبب غياب القروض السكنية، الّا انّها لفتت الى انّ مشاريع بيوت الضيافة هي الاكثر طلباً لأنّ تنفيذها لا يحتاج الى تمويل كبير، كذلك هناك اتجاه نحو المشاريع الزراعية، والمشاريع الرياضية مثل padle وملاعب golf اكثر من الطلب على شقة الـ 400 متر.