لا يشي التكتّم الذي أحاط باجتماع المجلس المركزي في مصرف لبنان، بأي تطور أو تغيير في عمل وسعر منصة “صيرفة”، وذلك على الأقل بالنسبة للعمليات بين المصارف والأفراد، علماً أن المركزي قد تحوّل أخيراً إلى مواجهة ضغط المضاربات على الليرة، وبالتالي، الأزمة المالية في ضوء غياب أية معالجات إقتصادية تؤدي إلى تراجع سعر الدولار في السوق السوداء، من دون تدخل ميداني وفاعل للمركزي في وجه المضاربين. وقد اعتبر الكاتب والخبير الإقتصادي أنطوان فرح، أن المجلس المركزي، يسعى على تطوير العمل في منصة “صيرفة” في المرحلة المقبلة، وذلك تزامناً مع الإجراءات الكفيلة بلجم ارتفاع سعر الدولار، وإن كان عدم صدور أي قرار عن اجتماع المجلس المركزي لمصرف لبنان، قد عكس حالة الإرباك القائمة.
وفي الواقع، لم يكن يؤمَل الكثير من هذا الإجتماع، كما كشف الخبير الإقتصادي فرح ل”ليبانون ديبايت”، وعزا هذا الأمر إلى سببٍ بسيط، وهو أن أي تدخّل أو أي إجراء يمكن أن يتخذه مصرف لبنان للجم ارتفاع سعر صرف الدولار، يحتاج إلى ضخّ دولارات إضافية في السوق، إذ لا مجال للحدّ من ارتفاع الدولار وانهيار الليرة، إلا عبر ضخّ الدولارات من مصرف لبنان.
وعن مداولات الإجتماع في مصرف لبنان، أوضح فرح، أنه شهد نقاشاً في إمكان اعتماد صيغة من إثنين: الأولى، تتناول ما إذا كان من المفترض أن يواصل مصرف لبنان سياسة التدخل من وقتٍ إلى آخر، وضخّ دولارات إضافية هي من الإحتياطي في مصرف لبنان، وهي من أموال المودعين، لكي يخفِّف من وتيرة ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، والثانية تعتبر أنه من الأفضل أن لا يتدخل في السوق، وأن يحافظ على دولاراته الإحتياطية، وأن يترك سعر الصرف يأخذ مجراه ويكون طبيعياً، بمعنى أن يعكس سعر السوق السوداء، السعر الحقيقي لليرة، ولذلك، لم يتمّ التوصل إلى أي اتفاق.
ورداً على سؤال، عن الأسباب الفعلية لتأجيل صدور أية مقرّرات عن المركزي، أعرب الخبير فرح عن الإعتقاد بأن الإيحاء بأن المشاورات والإجتماعات ستتواصل لاتخاذ القرار المناسب لاحقاً، قد لا يعكس الواقع، ولكن هذه هي الصيغة التي خرج بها المجلس المركزي، لكي لا يعطي إشارة أنه عجز عن أي تدخل، ما قد يؤدي بالتالي إلى ارتفاعٍ سريع في سعر صرف الدولار، لذلك استخدم صيغة محدّدة توحي بأنه لا يزال يدرس الإجراءات التي يمكن اتخاذها.
وانطلاقاً ممّا تقدم، أكد فرح، أن “المركزي” لن يتمكن من التدخل في سوق الصرف بقوة، وأقصى ما يمكن أن يفعله هو شبيه بالإجراء الذي اتخذه، وهو أن يضخّ القليل من الدولارات لتخفيف وتيرة ارتفاع السعر، هذا كل ما في الأمر.
وإذ لفت فرح، إلى أن سعر منصة صيرفة أصبح بعيداً عن سعر السوق السوداء، لاحظ أنه قد يدفع إلى رفع سعر “صيرفة” لكي يقترب من سعر الدولار في السوق السوداء، ولكن في تلك الحال، “سندخل في حلقة مفرغة يصعب الخروج منها”.