يدخل اّستحقاق الموازنة العامة كعامل جديد على الساحة اللبنانية، فهو مطلوب من أجل تحقيق الإنقاذ المنشود.
لا شك أن الأشهر الطويلة التي أخذها الجدل على تأليف الحكومة وتقاسم الحصص أخّر الكثير من الاندفاعة التي كان يجب أن تحصل بعد الانتخابات النيابية، لكنّ الأمور لم تصل بعد إلى مرحلة اللاعودة لأن المطلوب هو تحقيق موازنة إصلاحية.
وبغضّ النظر عن لغة الأرقام والكشوفات المالية والبورصة، فإن أهم شرط لتحقيق الإصلاح هو وجود توافق سياسي، وهذا الأمر يبدو أنه يتحقّق في الشكل، في وقت ينتظر الجميع المضمون.
وفي هذا السياق، تبرز مواقف لأفرقاء سياسيين يؤيدون الإصلاحات وحتى فرض ضرائب جديدة لكن شرط أن لا تطال الفئات الفقيرة، علماً أن معظم الشعب اللبناني بات ينتمي إلى هذه الطبقة، لأن الطبقات الوسطى يتقلّص حجمها.
ومن بين هؤلاء القوى السياسية، فإن للحزب “التقدمي الاشتراكي” مواقف بارزة من قضية الموازنة والضرائب.
وبما أنه حزب قام بالأساس على مناصرة الطوائف الفقيرة والمحرومة قبل أن يصبح حزباً لطائفة معيّنة، فإن النزعة “العمالية” إن صحّ التعبير ما تزال موجودة عنده.
وفي هذا السياق، تؤكد مصادر “الاشتراكي” لموقعنا أن “المطلوب هو تسريع الإجراءات الإنقاذية الاقتصادية لأن الوضع لم يعد يحتمل مزيداً من الدلع”. وتدعو إلى إقرار موازنة في أسرع وقت ممكن، لكن أن تتضمّن كافّة البنود التي تشكّل عمق الأزمة، فالقضية ليست فقط في خفض الرواتب والأجور والنفقات، فهذا الأمر مطلوب وهناك مئة طريقة لتحقيقه، لكن الأساس هو زيادة مداخيل الدولة من حيث تحسين الجباية، فهناك قطاعات عدّة وعلى رأسها الكهرباء الجباية فيها منخفضة، وهناك ملف الأملاك البحرية والتهرّب الضريبي، كلها مداخيل يجب أن تحصّلها الدولة.
ومن جهة أخرى، يطالب “الاشتراكي” بالقيام بهندسة مالية عامة، وفرض ضرائب على المداخيل، وليس اقتطاع رواتب، أي أنها تكون ضرائب تصاعدية كل بحجم معاشه، فلا يجوز أن تكون ضريبة من يقبض مليون ليرة لبنانية في الشهر مثل الذي يقبض 10 ملايين.
ويرى أن الضرائب غير المباشرة مثل الضريبة على البنزين أو المأكولات والـTVAيدفعها الفقير مثلما يدفعها الغني، وهذا الأمر ليس بعدل، بل يجب النظر إلى كل السياسة المالية في لبنان.
ويؤكد “الاشتراكي” أنه سيكون إيجابياً في بحث الموازنة في مجلس الوزراء وسيدرس وزراؤه جيداً هذا الأمر، نافياً نيّته تشكيل جبهات تؤخّر الموازنة.
ويُشير إلى أنه سيعترض فقط، إن كان في مجلس الوزراء أو مجلس النواب على البنود غير المحقّة أو التي لا تأتي بمردود جيّد للشعب والخزينة، موضحاً أن كل الكلام الذي يُحكى عن تنسيقه مع “القوات” لتشكيل جبهة اعتراضية داخل مجلس الوزراء ليس صحيحاً، فكما نحن لنا ملاحظات، لـ”القوات” وبقية الأحزاب والقوى ملاحظات تُناقش وتُدرس بهدوء وروية.
ويتمنّى “الاشتراكي” أن لا يغرق الجميع في الجدل السياسي، بل يعطون الأولوية لمسيرة الإصلاح والإنقاذ.