بالتزامن مع إنطلاق جلسات مناقشة الموازنة، تتدحرج “كرة الشائعات” التي تلوّح بفرضية الأنهيار المالي للدولة أنطلاقا من “سقوط مدوّ” لسعر صرف الليرة”.
فرضية الإنهيار المالي، لا تستند إلى معطيات رسمية أو علمية، بل إلى مجرّد شائعات تتناسل بشكل يومي على وسائل التواصل الإجتماعي. وعلى سبيل المثال لا الحصر، تداول ناشطون على تطبيق واتساب معلومات تنظر للإنهيار تستند على عدّة عوامل تبدأ بكلفة سلسلة الرتب التي تخطت ١.٨ مليار دولار وتنهي بكلام عن أن “البنك المركزي” سيطرح بعد شهر حزيران المزيد من سندات اليورو بوند وسندات بالدولار الامركي لتعويض النقص الحاد في الإحتياطي”.
وبين لغة الشائعات واللغة العلمية بؤكد الخبير الإقتصادي جاسم عجاقة لـ”اي نيوز”: أن مجرّد التداول أن مصرف لبنان سيطرح سندات يورو بوند فهذا يؤكد أن مروّج الخبر يفتقر إلى المصداقية والعلمية، فمن يقوم بطرح اليورو بوند هي وزارة المال وليس المصرف المركزي”. ويؤكد عجاقة أن “سعر الصرف لا يمكن أن يهتز، وكل ما يحكى عن هذا الموضوع لا يتعدى حدود الشائعات الغير منطقية”.
ويرتكز عجاقة في تأكيده على “أن وضع الليرة بخير، على أن إحتياط مصرف لبنان من العملات الأجنبية وافر جداً ويشكل ضمانة لمنع أيّ إنهيار سعر صرف الليرة اللبنانية، إضافة إلى السياسات العلمية لحاكم مصرف لبنان. ويرى أن “الثروة النفطية والغازية تدخل للدولة اللبنانية بشكل صاف ما يزيد عن 200 مليار دولار أميركي كفيلة بأن تخلق استقرارا نقديا إلى أجل غير مسمى”. وينتقل عجاقة إلى مصدرين آخرين يساهمان في تأمين الإستقرار المالي للبنان، يتمثلان بإعادة إعمار سوريا وبعائدات “سيدر”.
ففيما يتعلق بإعادة إعمار سوريا، يرى عجاقة أن: “طريق الإعمار تمر حتماً من لبنان، كون الموانئ السورية لن تكفي لوجستياً لسدّ حاجات الورشة الكبرى، ما يعني بالضرورة أن لبنان سيكون بحكم جغرافيته صاحب الدور الأكبر في إستقطاب رؤوس أموال إعادة الإعمار، مهما طالت الأزمة”. أما بالنسبة للشقّ المرتبط بعائدات “سيدر”، فيشدد على أن “المليارات الآتية من مؤتمر سيدر والتي تقدر بحسب رئيس الحكومة سعد الحريري بعشرين مليار ستؤدي حكماً إلى خفض عجز ميزان المدّفوعات، وبالتالي تعزيز الطلب على الليرة المحلية”.
ومن “تطمينات الأرقام” والمؤشرات باستقرار الوضع النقدي، إلى الوضعية القانونية لجوقة مروجي تظرية “الإنهيار التقدي. يقول مصدر قضائي لـ”اي نيوز” إن هذه الشائعات تستدعي تحرك النيابة العامة. ويستند المصدر إلى نص المادتين 319 و320 من قانون العقوبات اللبناني. ويشير إلى أنه إستناداً إلى المادة الأولى، “فيعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من خمسماية إلف ليرة إلى مليوني ليرة، من أذاع وقائع ملفقة أو مزاعم كاذبة لإحداث التدني في أوراق النقد الوطنية أو لزعزعة الثقة في متانة نقد الدولة وسنداتها وجميع الاسناد ذات العلاقة بالثقة المالية العامة”.
ويتوسع المصدر، بتجريم “مزعزعي الثقة” بالنقد الوطني، فيلفت إلى أنه إستناداً لنص المادة 320 عقوبات:” يستحق العقوبات آنفة الذكر نفسها كل شخص يحض الجمهور على سحب الأموال المودعة في المصاريف والصناديق العامة، أو على بيع سندات الدولة وغيرها من السندات العامة او على الامساك عن شرائها”.
وبين المؤشرات المالية ونظيرتها القانونية، يرى مراقبون:”أن الخطر لم يعد يحيط بالإستقرار النقدي بل بمروجي الشائعات الذين سيعرضون أنفسهم لإحتمال الملاحقة القضائية”.