هرج ومرج في قطاع النقل العام بعد صدور تعرفة النقل الجديدة… فهل يلتزم السائقون بالتسعيرة؟

بعد سقوط طفلة في طرابلس من فجوة باص ينقل التلاميذ ووفاتها… الحافلات “البالية” مسؤوليّة مَن!

رئيس إتحاد نقابات سائقي السيارات العمومية لـ “الديار”: لا يُمكننا منع وسائل النقل غير الشرعيّة من العمل إذا لم يتقيّد السائق نفسه بالقانون!

يعاني قطاع النقل في لبنان من فوضى عارمة وتحديات جمة، فالتعرفة الرسمية التي تحددها وزارة النقل والاشغال العامة غالبا ما تكون مجرد حبر على ورق، حيث يتجاهل السائقون الالتزام بها، مما يؤدي إلى تفاوت كبير في الأسعار. هذا التباين ليس فقط مصدر إزعاج للركاب، بل يعكس أيضا تدهور ثقة المواطنين في قدرة الدولة على فرض النظام وتنظيم القطاع، ويواجه هؤلاء كل يوم معركة جديدة مع أصحاب “التاكسي” حول التعرفة، حيث يتم استغلال الحاجة إلى التنقل لفرض أسعار مرتفعة وغير مبررة. هذا المَرْج يؤكد ضرورة إعادة النظر في السياسات المتبعة، واتخاذ إجراءات صارمة لضبط القطاع وضمان حقوق الطرفين أي الراكب والسائق.

وفاة طفلة بسبب صَدْع!

إلى جانب هذه الزعزعة في التعرفة، تبرز مشكلة أخرى لا تقل خطورة، وهي الحالة المهترئة لحافلات النقل العام. اذ ان هذه المركبات، من المفترض أن تكون وسيلة آمنة وموثوقة لنقل المواطنين، لكنها باتت تشكل خطرا حقيقيا على حياة الركاب. فواقعة وفاة الطفلة ن. ع التي تعرضت لحادث دهس بعد سقوطها من فجوة داخل باص لنقل تلاميذ المدارس في طرابلس منذ أيام قليلة، تجسد الواقع المرير الذي يعيشه قطاع النقل العام في لبنان. فهذه الفاجعة المأساوية تستدعي وقفة جدية من الدولة والمجتمع، لمعالجة الأوضاع المتردية في هذا القطاع، وضمان توفير وسائل نقل آمنة وملتزمة بالتعرفة الرسمية.

كيف أصبحت تعرفة النقل الجديدة؟

في موازاة ذلك، وقّع وزير الأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال علي حمية على تعرفة النقل الجديدة لمختلف وسائل النقل على كافة الأراضي اللبنانية، بعد جلسة موسّعة ضمت مختلف نقابات مالكي وسائقي السيارات العمومية واتحادات نقابات السائقين وعمال النقل في لبنان. وتم خلالها عرض لمختلف الظروف التي حالت طيلة الفترة السابقة، دون تحديد تعرفة النقل. واكد المعنيون أن “تلك الظروف لم تكن حائلا أمام متابعة الملف بشكل مستمر من قبل الوزارة، وخصوصا لناحية التوجيهات التي كانت قد أعطيت للمديرية العامة للنقل البري والبحري. وذلك لضرورة متابعة التواصل مع الأطراف المعنية للعمل على رفع تصور حول القيمة المقترحة لهذه التعرفة، بانتظار توافر الظروف المناسبة للإعلان عنها، على ان تكون مراعية لمصالح السائقين من جهة ودخل المواطنين من جهة أخرى”.

وأشار حمية إلى أنه “أصبح من الممكن اليوم تحديد قيمة تعرفة النقل، خصوصا أن المعيارين الرئيسيين المتعلقين بها قد استقرا نوعا ما، لاسيما في موضوع ثبات سعر الصرف وتكلفة اصلاح الحافلات بما في ذلك أسعار المحروقات”.

وختم حميّة “استطعنا تحديد تعرفة نقل متوازنة إلى حد ما والتوقيع عليها، وستكون نافذة اعتبارا من تاريخه”، مؤكدا أن “اعتماد هذه التعرفة قد تم التنسيق بشأنها مع كل الاتحادات والنقابات”.

وفي الإطار، أصبحت التعرفة وفقا للجدول الرسمي على الشكل التالي:

– 150 ألف ليرة للسرفيس و75 للباص او “الميني باص” للراكب ضمن بيروت الإدارية او الكبرى. في حين ان التاكسي بـ 600 ألف ليرة.
– السرفيس من صور- بيروت بـ 570000 ألف ليرة و270 “للفان”، والتاكسي بـ 2,280,000 ل.ل.
– صيدا – بيروت 300 ألف بالسرفيس و150 للباص والتاكسي بـ 1,200,000 ل.ل. – –

– طرابلس- بيروت 600 ألف للراكب بالسرفيس و 240 للباص او “الفان”، وبلغت تعرفة التاكسي 2,400,000 الف ليرة.

– بعلبك – بيروت 600 ألف ليرة بالسيرفيس و285 للباص والتاكسي بـ 2,400,000 ل.ل.

بيروت : تصفية الأثاث غير المباع 2023 (الأسعار قد تفاجئك)
الأثاث غير المباع
زراعة أسنان بالفم الكامل لكبار السن في بيروت – شاهد الأسعار في عام 2024
زرع الأسنان
إشارة الى ان القرار تتضمن تعرفة النقل من مختلف المناطق المفتاحية في لبنان الى العاصمة بيروت”.

فروقات كبيرة بالتسعيرة

بالموازاة، لاحظ المواطنون الذين يستقلُّون التاكسي والسرفيس بشكل يومي فروقات هائلة في التعرفة بين سيارة وأخرى. وقد تباينت تسعيرة السرفيس بين سائق وآخر، فعلى سبيل المثال يتقاضى صاحب تاكسي على الراكب الواحد كتوصيلة من الحمرا الى الاشرفية 5 دولارات او 500 ألف ليرة لبنانية، بينما يتقاضى سائق آخر 300 ألف ليرة لبنانية. ليتحول قطاع النقل العام الى سوق عكاظ ، حيث تكون التعرفة على أساس العرض والطلب.

الأمر نفسه لا يختلف كثيرا بالنسبة إلى الباصات، إذ إن التسعيرة تصاعدت بشكل هستيري عند البعض منهم، فـ “الميني باص” يتقاضى على الراكب من الدورة الى الزلقا 70 ألف ليرة بينما يأخذ سائق المركبة الكبيرة 60 الفا.

ضبط إيقاع القطاع بدأ!

بالتوازي أوضح رئيس “اتحاد نقابات سائقي السيارات العمومية ” بسام طليس لـ “الديار” ان “التفلت الحاصل بالتسعيرة، هو الذي دفع وزارة الاشغال الى التشاور مع النقابات، بهدف وضع تعرفة رسمية حتى تكون الأمور واضحة بالنسبة للسائق والمواطن على حد سواء. اذ لا يجوز ان تكون التسعيرة متباينة ما بين منطقة وأخرى وشارع واخر، اذ ان هذا التخبط ناتج من عدم وجود تعرفة رسمية”.

أضاف “التعرفة لم تصدر بشكل عشوائي بل تمت مناقشتها على مدى 3 أشهر متتالية في الوزارة، وعلى الجميع معرفة ان تحديد الأسعار قد استند الى جداول وبيانات، وهذه الدراسة تعدها المديرية العامة للنقل البري والبحري وتتكون من 17 عنصرا وتتضمن المحروقات، الصيانة، الضمان، رسوم الميكانيك واجرة السائق بالإضافة الى عناصر أساسية أخرى”.

وأردف “لقد دُرست الأسعار الحالية وتبين ان هذه الأرقام التي يفترض اعتمادها وعلى هذا الأساس حُدّدت التعرفة. وانا اتفهم صرخة بعض السائقين الذين كانون يتقاضون تعرفة كما يحلو لهم لفترة 5 سنوات متتالية، لذلك التعرفة الرسمية لن تُرضيهم”.

وأشار الى “ان الاسعار الحالية التي صدرت مؤخرا غير مُنزلة في القرآن او الانجيل، بمعنى آخر إذا وجدنا ضرورة لتعديلها او تغييرها فلن نتردد، ولن نقبل كنقابة بان يكون السائق مغبوناً، كما ان الوزير علي حمية لن يظلم العاملين في هذا المجال وفي الوقت عينه لن يضغط على المواطنين ونحن ندعمه في هذه القضية”. وشدد على “مسألة تقيّد السائقين بالقانون لان المواطن بات بإمكانه اختيار السائق الملتزم بالتسعيرة الرسمية بكل سهولة”.

هل يلتزم السائقون بتعرفة الوزارة؟ يجيب طليس “لا يمكنني ان اطلب من وزير الداخلية والبلديات واللواء عماد عثمان والقوى الأمنية قمع المخالفين والتعديات على هذا القطاع، بما في ذلك الخصوصي والمزور و “التكاتك”، بينما السائق الشرعي لا يعمل بالقوانين ولا يلتزم بالتشريعات المتعلقة بقطاع النقل العام لذلك المطلوب كخطوة أولية التقيد بالقوانين”.

المركبات المهترئة تهدد السلامة العامة

اما في ما يتعلق بالباصات القديمة والخطر الذي تشكله على السلامة العامة، لا سيما بعد حادث سقوط الطفلة ن. ع من حافلة مدرسة في وسطها حفرة مهترئة، ما أدى الى وفاتها على الفور بعد دهسها، فاكد طليس “ان موضوع “الفانات” المرقّعة من مسؤولية الدولة والوزرات المعنية، لذلك من المفترض ملاحقة كل مركبة مخالفة لمقاييس السلامة العامة المرورية، والنقابات لن تكون غطاء لمخالفة او حافلة تعرّض راكبيها للخطر”.

 

مصدرالديار - ندى عبد الرزاق
المادة السابقةالسياحة على ميزان التهديدات الإسرائيلية: إلغاء حجوزات للقادمين والمسافرين
المقالة القادمةاستمرار الازمة الاقتصادية في لبنان دون ايجاد الحلول لها