استعادة الأموال المنهوبة عنوان وشعار وحلم يراود كل اللبنانيين الصادقين والجديين في محاربة الفساد والهدر. ولكن كيف السبيل إلى ذلك؟
طبعا لن يعمل أي من سارقي وناهبي المال العام على التبرّع طوعاً بتقديم ما نهبوه كرمى لعيون الشعب الفقير.
إذا كان الجميع يقولون ويتهامسون جهاراً وسراً أن “حاميها حراميها” فمن يتجرأ على تسمية شخص أو مسؤول تدور حوله الشبهات؟
لم ينفِ أحد في لبنان ما أوردته الاستخبارات المالية التابعة لوزارة الخزانة الأميركية منذ فترة ومفاده “أنه تم تحديد عشرات مليارات الدولارات الموضوعة في المصارف العالمية بحسابات عائدة لمسؤولين وسياسيين ونافذين لبنانيين، وأن معظم هذه الأموال تمّ استعمالها لشراء عقارات في لبنان والعالم”.. وتؤكد مصادر أخرى أن ودائع موجودة في المصارف العالمية تبلغ نحو ثلاثة أضعاف الدين العام اللبناني وهي باسم سياسيين لبنانيين حاليين وسابقين تعاقبوا على مواقع السلطة لنحو أربعين عاماً وبإسم شركائهم من رجال أعمال ومحظيين…؟
استناداً إلى هذه الأخبار التي أكدّها كثيرون وتكتّم عليها آخرون، وفي ظلّ صعوبة سلوك قانون “من أين لك هذا؟” مساره التطبيقي العملي، يحلم اللبنانيون بأن تضع الدول التي تريد مساعدة لبنان فعلاً يدها على هذه الأموال وتُعيدها إلى الشعب اللبناني بشروط شبيهة بتلك التي فرضها مؤتمر سيدر؟
ويا ليت المصارف العالمية تكشف السرية المصرفية عن أموال المودعين اللبنانيين لاستعادة بعض هذه الأموال المنهوبة فيكون إنقاذ الوضع الاقتصادي والمالي بواسطة الأموال اللبنانية ومن تعب اللبنانيين الذين صادر من تولّوا مسؤولية عامة واعتلوا سدّة المراكز والمناصب أتعابهم ومقدّرات بلدهم.
يقال إن لا سلطة للدول التي تحمي هذه الودائع اللبنانية على فعل ذلك من دون مضبطة إتهام بحق المودعين المشبوهين. ولكن هل هناك من مضبطة أهم وأفضل وأوضح للعدالة الدولية من مئة مليار دولار دين على وطن وشعب يحظى ويحتفظ ويتنعم مسؤولوه بمليارات الدولارات.
هل من دليل أوضح من العقارات والقصور والمؤسسات التي يتملّكها السياسيون اللبنانيون وشركاؤهم في مختلف دول العالم؟
ألا تعرف الدول التي يزورها هؤلاء الأرقام التي يصرفونها لسفرهم وإقاماتهم وسهراتهم وحفلاتهم في أغنى الفنادق والكازينوهات والقصور؟ فيما الشعب يترنّح تحت وطأة الفقر والعوز والمستقبل المجهول.
لقد وصل الأمر باللبنانيين إلى الحلم بمحمد بن سلمان ما، يستدعي المسؤولين المشبوهين وما أكثرهم إلى فندق فخم ويسجنهم فيه حتى إعادة الأموال المنهوبة والتي إذا استُعيد نصفها سينعم لبنان واللبنانيون ببحبوحة وازدهار ووفر لعشرات السنين.
الحل الآخر الذي قد ينقذ الوضع بعدما كسر الفساد في لبنان كل الأرقام القياسية ووصل إلى مستويات غير مسبوقة، يراه المتفائلون بوضع الدولة والبلاد تحت وصاية مالية دولية مباشرة تستخدم فيها الأموال المودعة في المصارف العالمية من دون أن يكون لأي مسؤول لبناني أي حق في القرار بشأنها، لانه لم يعد هناك أية ثقة للمواطنين بأن أحداً في لبنان يستطيع محاسبة الفاسدين الكبار والمسؤولين عن هذا الانهيار.
وأخيراً أختم بهذا القول لنيلسون مانديلا: “الفاسدون لا يبنون وطناً إنما يبنون ذواتهم ويُفسدون أوطانهم.”
فلا تتأملوا أن تجنوا من العليق تينا ولا من العوسج عنب.ا