هل الذهب ملاذ امن ام مادة استثمارية مثل غيرها من العملات والاسهم والمعادن ؟

الحرب الاسرائيلية على غزة وامتداداتها على لبنان والحرب الروسية والاوكرانية والتوتر السياسي والامني في العالم ادى الى تخطي اونصة الذهب الـ ٢٥٠٠دولار اميركي وهناك من يتوقع وصوله الى الثلاثة الاف دولار بحيث يطرح السؤال هل الذهب هو ملاذ امن في مثل هذه الاوقات الصعبة والتطورات الجيوسياسية ام مادة استثمارية تربح او تخسر مثل بقية العملات والاسهم وغيرها من المواد المالية والمعدنية ؟

لقد دلت التجارب والتطورات ان الذهب يمكن الاعتماد عليه كملاذ امن للحفاظ على الثروات بدليل ان لبنان ورغم الانهيار المالي ما زال يحتفظ بكمية من الذهب تقدر قيمتها باكثر من ٢٠مليار دولار ما زال يحتفظ بها تحسبا من غدرات الزمن ويمكن ان يشكل انطلاقة قوية لاي عملية نهوض اقتصادي من خلال حكومة تتمتع بثقة مجتمعها بانها ستستعمل الذهب للنهوض ووضع لبنان على السكة الصحيحة وليس لتحقيق المزيد من الثروات لسياسيين همهم الارباح ولو على حساب مواطنيهم ،كما ان بعض الخبراء يقدرون قيمة الذهب الموجود في المنازل باكثر من ١٠مليار دولار تحمي من يخفيها ،وقد دلت الاحداث المتتالية ان الذهب هو الذي حمى هذه العائلات من الفقر والعوز بعد وقوع لبنان في الانهيار النقدي والمصرفي والتبدل الذي حصل خصوصا على الصعيد النقدي حيث ارتفع سعر صرف الدولار من ١٥٠٠ليرة الى ١٤٣الف ليرة ومعدلات تضخم مرتفعة.

وتوضح مصادر مصرفية مطلعة أن الأزمات الاقتصادية هي السبب الأساسي لارتفاع سعر الذهب لأن الافراد يعتبرونه ملجأهم قي ظل الاوضاع السياسية والامنية المتازمة ، لأنه يحافظ على سعره على فترات طويلة، ولا يخضع للمضاربات، فيتهافتون على شرائه كلما شعروا بأزمة تلوح في الافق. وما يحصل في هذه الحالة، هو ان الطلب يرتفع فيما العرض يبقى على حاله لان كمية الذهب محدودة فهو ليس منتجا يتمّ تصنيعه، ما يدفع إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير.

وتشير هذه المصادر إلى أن العالمَ كلّه اليوم يعيشُ اضطراباتٍ مختلفة، مثل الحرب بين أوكرانيا وروسيا والتي أدت إلى تضخم وارتفاع في الاسعار، وصولاً إلى الحرب الدائرة في غزة، وكل هذه التطوّرات خلقت ظروفا تشاؤمية مثالية لارتفاع سعر الذهب، حتى عند المؤسسات الكبرى غير المطمئنة إلى ما قد يحصل مستقبلا، ما أدى إلى ارتفاع سعر المعدن الأصفر.

وتاريخيا، يعتبر الذهب أفضل أصول الملاذ الآمن لأسباب مرتبطة بالندرة وشح المعروض على عكس العملات التي يمكن طباعتها في أي وقت.

وأصبح الذهب رفيقا للأزمات العالمية، ويستمد طاقته منها، بفضل ارتفاع الطلب عليه في حالات عدم اليقين السياسي والاقتصادي وحتى الصحي، كما حدث في جائحة كورونا.

كما تحول الذهب إلى أحد أهم الأصول الاحتياطية للبنوك المركزية حول العالم، بإجمالي احتياطات تبلغ 35.5 ألف طن، بصدارة أميركية تتجاوز 8133 طنا.

الا ان بعض المحللين في بلومبرغ اعتبروا ان الذهب لم يعد مكانا للتحوط او الاستثمار للاسباب التالية :

– أولاً، سعر الذهب يتأثر بارتفاع أو انخفاض أسعار الفائدة الحقيقية (الأسعار تنخفض عند ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية).

– ثانياً، سعر الذهب يرتفع أو ينخفض عندما يتغير الطلب عليه كسلعة.

يعني ذلك أن الذهب أصبح أكثر ارتباطاً بعوامل اقتصادية مختلفة (أسعار الفائدة المنخفضة والنمو الاقتصادي العالمي)، وبالتالي أصبح أصلا اقتصاديا كغيره من الأصول. لذا، فإن ارتفاع أو انخفاض سعر المعدن النفيس لا يعكس بالضرورة توجهات اقتصادية سلبية أو انهياراً اقتصادياً واجتماعيا.

على اية حال فإن اللبنانيين مقتنعون بان الذهب هو الملاذ الامن لهم بدليل اكثارهم من شراء الذهب رغم ارتفاع سعره مع العلم انهم سارعوا الى بيع ذهبهم ابان ازمة كورونا مع الجمود الاقتصادي الذي كان يجتاح العالم وفي هذا الصدد يقول عضو نقابة الصاغة والجوهرجية سليمان بدوي ان اللبنانيين يقبلون اليوم على شراء الذهب من ليرات واونصات بعد تواتر الانباء عن استمرار ارتفاع قيمته وتراجع سعر الدولار عالميا نتيجة الحروب الدائرة والضبابية في الحلول السياسية على مستوى العالم .

واعلن بدوي ان اللبنانيين استوردوا ما قيمته ملياري دولار من الذهب في السنة الماضية وهذا يدل انهم يعتبرونه اليوم افضل استثمار في البلد بعد سقوط ليرتهم اللبنانية وبعد احتجاز اموالهم في المصارف والتقلبات الحاصلة في سعر صرف الدولار خصوصا ومنذ اكثر من سنة .

وذكر بدوي ان اللبنانيين بادروا الى بيع ذهبهم خلال ازمة كورونا بسبب قلة الشغل والاقفالات المستمرة بينما منذ اكثر من سنة عاودوا الى شراء الذهب وبكثرة متوقعا ان يرتفع سعر اونصة الدهب الى٢٦٠٠الى ٣٠٠٠ دولار اميركي .

اما اليوم فالمقتدرون يلجاون الى الذهب بعد ان اكتووا بليرتهم اللبنانية ومصرفهم ومسؤوليهم ولم يجدوا سوى “عبهم ” او خزائنهم الحديدية للحفاظ على اموالهم وما تبقى من ذهبهم .

 

مصدرالديار - جوزف فرح
المادة السابقةارتفاع الأسعار مستمرّ… 64 مرة عما كان عليه قبل الأزمة
المقالة القادمةسندات الـ«زيرو كوبون»: أداة تنظيف للميزانيات والأعباء | السيولة الباقية في خدمة «النظام»