إذا كانت فذلكة الموازنة التي أقرها مجلس الوزراء ستوزع على النواب اليوم بما يتيح لرئيس لجنة المال والموازنة النائب ابرهيم كنعان الدعوة الى جلسة أولى لقراءتها الاثنين المقبل قبل ان تدخل البلاد في عطلة عيد الفطر، فان الذي بات شبه مؤكد هو أن النية المعلنة للنواب، وفي مقدمهم الرئيس نبيه بري، لمناقشة جدية وتمحيص للموازنة فلا تمر في مجلس النواب مرور الكرام، ستتسبب بمزيد من التأخير، بحيث ان مهلة الشهر التي قال بري إنها مطلوبة لمناقشة الموازنة في المجلس، ستؤدي الى تأخير اقرارها الى منتصف تموز المقبل في أقل تقدير، الامر الذي سيضعف أكثر ثقة المجتمع الدولي بلبنان والتزامه المواعيد، خصوصاً اذا لم ينتج الوقت الاضافي أي اصلاحات مضافة.
وأمام الموازنة معضلة اضافية تتجاوز عامل الوقت الى ما هو أهم، اذ ان المادة 87 من الدستور نصت على “إن حسابات الإدارة المالية النهائية لكل سنة يجب ان تعرض على مجلس النواب ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة التالية التي تلي تلك السنة، وبالتالي يتم إرسال قطع حساب الموازنة إلى ديوان المحاسبة قبل 15 آب من السنة التي تلي سنة الموازنة المنوي اقرارها”. لكن قطع الحساب المحكي عنه لن يكون في لبنان لسنة واحدة، بل انه يشمل الاعوام من 1993 الى اليوم، وهو ما كان مثار خلاف سياسي لزمن قبل ان تطويه تسوية سياسية أدت الى سحب كتاب “الابراء المستحيل” من التداول، لكن مفاعيله لم تنته الى اليوم. ويتخوف متابعون من ان يؤدي عدم انجاز قطوعات الحسابات، الى المطالبة بتسوية سياسية تكرر مخالفة العام الماضي، اذ ان الموازنة وصلت إلى المجلس متأخرة نحو ثمانية أشهر عن موعدها الدستوري في تشرين الأوّل الماضي.
وكان وزير الداخلية سابقاً زياد بارود صرح لـ”النهار” ان عدم إقرار قطع الحساب قبل نشر الموازنة مخالف للدستور وبالتحديد للمادة 87. وأكدّ أنّ الدستور ليس وجهة نظر، وتمنى على مجلس النواب التنبه إلى هذه المخالفة كي لا تتكرر، موضحاً أنّها وُضعت لسبب، فالموازنة تحوي الانفاق والجباية في حين ان قطع الحساب يحوي الأرقام الدقيقة لما تمّ إنفاقه وجبايته، وبالتالي يجب على ممثلي الشعب الموافقة على هذه الأرقام. ولا يمكن إقرار الموازنة قبل الموافقة على قطع الحساب، الذي حدث للمرة الأخيرة عام 2005 عن السنة المالية 2003
وأبلغ وزير المال علي حسن خليل “النهار” أن وزارة المال “قامت بجهد كبير وأنجزت كل ما عليها وارسلت حسابات المهمة ومشاريع قطع الحساب منذ العام 1993 وحتى العام 2017 إلى ديوان المحاسبة ومجلس الوزراء وهي تأمل ان تنجز بسرعة ليكتمل المشهد الدستوري بالموازنة وقطع الحساب”
وأفاد ان هذا الامر أصبح في عهدة ديوان المحاسبة، لافتا الى ان “رئيسي الجمهورية والحكومة حرصا في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء على حث الديوان على انجاز قطوعات الحساب بالتوازي مع عمل مجلس النواب لاقرار الموازنة وفق الاصول، وهذا ما نطمح اليه”.
وسألت “النهار” النائب ابرهيم كنعان عن اسباب التأخير فأجاب بسؤال مستغرباً: “لماذا لم تحل الحكومة القطوعات الى اليوم؟ نحن ننتظر منذ أكثر من شهر”.
وأوضح كنعان “ان المادة 65 في موازنة 2017 اعطت الحكومة مهلة سنة لانجاز قطوع الحساب، وقد انقضت سنة ونصف سنة، وأحال وزير المال البيانات على ديوان المحاسبة الذي يعاني نقصا في عدد موظفيه، وبالتالي لا يمكنه ان ينجز اكثر من قطع حساب العام الماضي في مدة زمنية قصيرة. ونحن ننتظر تقريره بعد حين، لكن من واجب الحكومة ان تحيل التقرير على لجنتنا”.
واذ شدّد على ان الانتظام المالي لا يتحقق الا من خلال التكامل بين موازنة في وقتها (غير متأخرة) وحسابات مدققة من ديوان المحاسبة، تخوف من أمرين كلاهما مر: الاول عدم تمكن ديوان المحاسبة من انجاز المهمة، وصدور تقرير سلبي عنه فلا يكون بيان المطابقة ايجابياً.
هل يقود هذا الامر الى تسوية سياسية جديدة؟ أجاب انه يرفض الامر لأن “التسوية ستكون مؤذية جداً للمسار المطلوب من لبنان، وللشفافية، والانتظام المالي، والثقة الدولية”.
على صعيد آخر، أعلن رئيس الوزراء سعد الحريري الانطلاقة العلنية لتوسيع نطاق البرنامج الوطني لاستهداف الفقر في تعاونية صبرا بالطريق الجديدة، وقال إن “البرنامج بدأ في عام 2009 أو 2010، ومساهمتنا كحكومة كانت 28.7 مليون دولار، ومساهمة الحكومة الألمانية بلغت أكثر من 50 مليون دولار. والآن، أضافت إليها 10 ملايين أورو، وكذلك ساهم الاتحاد الأوروبي الآن بـ25 مليون أورو. كنا نغطي 58 ألف شخص،وبالمساهمات التي حصلنا عليها اليوم سنرفع عدد الأشخاص الذين يطالهم البرنامج إلى 85 ألف شخص.