شكلت المواقف التي أطلقها أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في اطلالته الاخيرة والتي تحدث فيها عن “إصرار أميركي-غربي-خليجي على رفض عودة النازحين السوريين إلى بلدهم”، وهي مواقف تقاطعت مع تصريحات وزير الخارجية جبران باسيل عن “ارادة واضحة بابقاء النازحين على ارضنا”، تمهيدا على ما يبدو لقرار لدى الثنائي “التيار الوطني الحر”–”حزب الله” بفتح ملفّ النزوح السوري على مصراعيه بعد انتهاء مجلس الوزراء من اقرار موازنة العام 2019.
واللافت أنّ ما أدلى به الفريقان يتزامن مع اجراءات جديدة بدأت تتخذ فعليا على الارض للحدّ من تداعيات النزوح جاءت نتيجة قرارات اتخذها أخيرا المجلس الاعلى للدفاع وأخرى تم تضمينها مشروع الموازنة.
وأوضحت مصادر معنيّة بالملف ان الوزير باسيل كان قد تقدّم بتعديلات على قانون الدخول الى لبنان والاقامة فيه الصادر عام ١٩٦٢، وقد رفعه الى مجلس النواب يوم عيد الاستقلال الماضي وهو ينصّ على الترحيل الفوري للداخلين خلسة، وهذا ما أقرّه مؤخراً المجلس الاعلى للدفاع لمكافحة التهريب من خلال المعابر غير الشرعيّة، وهو يكمّل ما جاء في ورقة باسيل الاولى التي تقدّم بها الى الحكومة عام ٢٠١٤ لجهة العمل على ضبط الحدود وعدم السماح بدخول أيّ نازح الا لظروف استثنائية ذات طابع انساني، وهو تحوّل لقرار بدأ تطبيقه منذ مطلع العام 2015.
وبحسب المصادر، فان القانون ينص على تغريم المشغّل اللبناني لكل اجنبي لا يحوز على إجازة عمل، وهذا ما لحظته الموازنة بالاضافة الى مطالبات للجهّات المعنيّة (بلديات/ مخاتير /المحافظين والقائمقامين) بإقفال المؤسسات غير الشرعيّة، وفرض رسم على عائلة الاجنبي المقيمة في لبنان.
ولم تقتصر الاجراءات الجديدة المتّخذة عند هذا الحد، اذ أمهل الجيش اللبناني النازحين السوريين والجهات المعنيّة لهدم البيوت الاسمنتية التي شيّدت بشكل اساسي في بلدة عرسال، وهو قرار اتخذه المجلس الأعلى للدفاع. وأوضحت مستشارة وزير الخارجية والمغتربين لشؤون النازحين الدكتورة علا بطرس أن عمليّة الهدم ستطال كل مخيّمات الاسمنت التي رفضناها اصلا في نقاشات اللجنة الوزاريّة حين طُرحت اقامة مخيّمات حدوديّة تحت مسمى مراكز ايواء او ما شابه منذ بداية الازمة، حرصا منا على عدم تحولها الى مستوطنات، لافتة الى ان القرار يشمل ايضا المخيّمات التي تُحدث ضررا على البيئة والمنتشرة في اكثر من منطقة (مخيّم كوبا-البترون-نهر الجوز، مخيم مرج الخوخ-مرجعيون…)
وتشير بطرس الى ان خطّة باسيل المحدثة لحلّ أزمة النزوح والتي من المفترض أن توضع على طاولة مجلس الوزراء قريبا، مبنيّة على حثّ الحكومة على تطبيق القوانين لمكافحة التهريب وحماية اليد العاملة اللبنانيّة من المنافسة غير المشروعة، علما أن بعض ما ورد فيها أقرّ من خلال مقررات المجلس الاعلى للدفاع او الموازنة، معتبرة أن “تنفيذ العودة الآمنة يحتاج الى اجراء مسح يساعد على تقسيم النازحين فئات وسحب بطاقات النزوح من غير مستحقيها، بالإضافة الى التزامات على المجتمع الدولي تنفيذها واهمّها القيام بمشاريع تنمويّة للمجتمع المضيف وضخّ المساعدات في سوريا تسهيلا للعودة”.
بالمحصلة، يبدو أن قرار البتّ بحلول لأزمة النزوح اتّخذ، وليست الاجراءات التي بدأت تطبق الا جزءا بسيطا من اجراءات أخرى مقبلة، يحرص أكثر من فريق سياسي على وجوب اتمامها هذا الصيف، وان كانت أيّة قرارات حكوميّة حاسمة في هذا المجال ستشهد الكثير من شدّ الحبال. فرغم ما يبدو أنّه تفاهم وطني على وجوب حلّ أزمة النازحين نظرا لتداعياتها الكبيرة على كل القطاعات اللبنانيّة، الا أن “الشيطان” يكمن في الاتفاق على الآليّات التنفيذيّة.