هل تتجه المصارف الى خفض معدلات الفوائد على الودائع المصرفية بعد ظهور مؤشرات إيجابية من خلال إقرار خطة الكهرباء، وتوجّه الأنظار نحو إقرار الموازنة، مع ما سيرافقها من إصلاحات موعودة، أم أنّ هذا الطرح سيبقى مجرّدَ همس، لأنّ نسبة المخاطر لا تزال مرتفعة؟
ناقش مجلس إدارة جمعية مصارف لبنان خلال اجتماع دوري موسّع خفض معدّلات الفوائد المدفوعة على الودائع. وأملت الجمعية، بعد التوافق على خطة الكهرباء، وإطلاق ورشة الإصلاحات في المالية العامة ومكافحة الفساد وترشيد الإنفاق، في أن يتحسّن المشهد الائتماني ما يدفع السوق طبيعياً إلى تخفيض مستويات الفوائد.
في هذا الاطار، أوضح رئيس قسم الأبحاث والدراسات في “بلوم” الخبير المصرفي مروان مخايل لـ”الجمهورية” أنّ قرار الجمعية هذا غيرُ مُلزم للمصارف أعضاء الجمعية، انما التوجّه يميل نحو خفض الفوائد وهو عامل إيجابي خصوصاً أنّ كلفة الفوائد مرتفعة جداً على المصارف وباتت تؤثر سلباً على ربحيتهم. لذا نلاحظ أنّ المصارف تتجه نحو خفض الفوائد لأنها لم تعد تستطيع البقاء في هذه الحلقة المفرغة. وأشار الى أنه متى بدأت الفوائد على الودائع بالتراجع فإنّ الفوائد المدينة أي الفوائد على المقترضين ستتراجع في الفترة المقبلة.
وقدّر مخايل الفوائد المدفوعة على الودائع بالدولار اليوم بنسبة 8 في المئة وعلى الودائع بالليرة اللبنانية بحوالى 12 في المئة، مشيراً الى أنّ نسبة التراجع المتوقعة للفوائد ترتبط كثيراً بالسوق وكيف سيستوعب هذه الخطوة، لكن لا شك أنه إذا قامت الحكومة بالمزيد من الإصلاحات الى جانب إقرارها لخطة الكهرباء مثل إقرار الموازنة بعجز مخفض فهذا سيريح السوق وسيُظهر جدّية الحكومة في التصرف بالملفات الأساسية. وبالطبع إنّ هاتين الخطوتين ستكونان كفيلتين بجذب تدفقات رؤوس الأموال من الخارج ووصول أموال “سيدر”، فيرتاح السوق وتنخفض الفوائد تلقائياً من دون الحاجة حتى الى إصدار قرار بذلك من جمعية المصارف. واعتبر أنّ اتخاذ جمعية المصارف قراراً بخفض معدّلات الفوائد المدفوعة على الودائع فهو للجم المنافسة بين المصارف على حساب ربحيتهم الذي يضرّ بالاقتصاد. واوضح مخايل انه عندما ترفع المصارف الفوائد على المودعين يستحيل بعدها الإقراض بفوائد أقل، أي بمعنى آخر إذا كان المودع يحصل على فائدة 8% على كل وديعة بالدولار فبأيّ نسبة ستُقرضه المصارف؟ لا يمكنها إعطاؤه قرضاً بفائدة أقل من 12 في المئة، من دون أن ننسى أنّ الفوائد المرتفعة تؤثر سلباً على الحركة الاقتصادية في البلد ككل.
وعن تأثير تراجع الفوائد المدفوعة على الودائع على الاقتصاد، قال: لا شك أنّ لهذه الخطوة إيجابيات عدة لا سيما منها تنشيط الحركة الاستثمارية مع عودة الشركات الى الاقتراض، لأنه في ظلّ ارتفاع الفوائد على الودائع كان يفضّل المودع إيداع أمواله في المصارف بدل الاستثمار. وكما هو معروف كلما ارتفعت الفوائد كلما انكمش الاقتصاد لذا نلاحظ أنه عندما تقع أزمة مالية في العالم تتجه المصارف المركزية الى خفض الفوائد قدر الإمكان، فخلال الأزمة المالية العالمية عام 2008 لجأ البنك الأميركي الفدرالي الى خفض الفائدة الى الصفر وذلك لتشجيع الاستثمار وتحريك العجلة الاقتصادية.
ورداً على سؤال، قال مخايل إن ليس هناك نسبة خفض معيّنة على فوائد الودائع لتتحرك الدورة الاقتصادية وتنتعش الأسواق، إنما كلما تراجعت نسبة الفائدة كلما زادت الاستثمارات لأنّ المشاريع تصبح مربحة أكثر من الوديعة. أضاف: كمعدل وسطي قد تتراجع الفوائد نقطتين خلال 4 أشهر، أما أن تنخفض الفوائد بنسبة أكثر من 2% فهذا يحتاج الى أكثر من 6 اشهر، لكن لا شك متى توصلنا الى فائدة بنسبة 6 في المئة نحقّق نموّاً أسرع للاقتصاد.
معدل ارتفاع الفوائد
سجّل متوسّط الفائدة على الودائع المعنونة بالليرة اللبنانيّة ارتفاعاً إلى 9.13% في شهر شباط 2019، من 8.93% في الشهر الذي سبقه و 6.51% في شباط من العام السابق.
إستناداَ الى إحصاءات جمعية المصارف، فقد زاد متوسّط الفائدة على الودائع بالدولار الأميركي إلى 5.62% خلال شهر شباط 2019، من 5.58% في شهر كانون الثاني 2019 و3.96% في الشهر الثاني من العام 2018.
كذلك تطوّر متوسّط الفائدة على التسليفات المُعَنونة بالليرة اللبنانيّة إلى 10.55% في شهر شباط 2019 ترافقاً مع إرتفاع متوسّط الفائدة على التسليفات المُعَنونة بالدولار الأميركي إلى 8.91%، ليصل بذلك متوسّط الهامش الشهري إلى 144 نقطة أساس ما بين التسليفات والودائع بالليرة اللبنانيّة في شباط 2019، وإلى 330 نقطة أساس ما بين التسليفات والودائع بالدولار الأميركي.