هل تجاوزت المؤسسة العسكرية قطوع الرواتب.. أم هناك مفاجآت؟

حرب أعصاب دارت بين السلطة السياسية والعسكريين المتقاعدين منذ اللحظة التي حُكي فيها عن موازنة تقشّفية تتضمّن إجراءات وتخفيضاً من رواتب العسكريين والتعويضات الممنوحة لهم. انخفض منسوب توتّرها بالشكل بعد نزول المتقاعدين إلى الشارع وقيام حملة اتصالات سياسية رفيعة المستوى لتطويق التوتّر وبهدف المعالجة والتصدّي لأي محاولة للمساس بالرواتب.
هكذا هدأت الجبهة التي فتحها العسكريون من دون أن تهدأ النفوس بالكامل حيث تسود حالة من اللاثقة بين السلطة والعسكريين المتقاعدين حيال إمكانية تراجع السلطة عن التزامات أعطتها تحت ضغط الشارع العسكري.
التصعيد الأخير ألزم وزير المال علي حسن خليل بوضع النقاط على الحروف مؤكداً أن الموازنة لا تشمل الرواتب وواضعاً ما يحصل في إطار المزايدات موضحاً أن ما ورد في الموازنة أتى نتيجة مشاورات حصلت مع القيادة العسكرية.
ورغم تأكيد وزير المال أن موازنة 2019 لا تتضمّن أي موضوع مرتبط بالتدبير رقم 3 سواء لجهة تعديله أو إلغائه لاعتباره أن هذا الأمر يعود لقيادة الجيش لتطبيق القوانين إلا أن هذه التأكيدات لم تساهم في تبديد هواجس الجبهة العسكرية بالكامل التي فُتحت في وجه إجراءات الحكومة.
تتولّى اللجنة النيابية المؤلفة من النواب اللواء جميل السيد، والعمداء الخمسة شامل روكز، جان طالوزيان، وهبة قاطيشا، الوليد سكرية وأنطوان بانو مهمّة الاتصالات السياسية والتنسيق بين العسكريين والسلطة، اللجنة التي تنتمي إلى تناقضات سياسية جمعتها قضية الحقوق والمسّ برواتب العسكر في إطار واحد .
للنواب العمداء ملاحظات كثيرة على الموازنة بالشكل والمضمون، سبق للنائب جميل السيد أن نشر على صفحته صورة لمشروع الموازنة التي وُزّعت في مجلس الوزراء لحظت تخفيضات واتبعها السيد بتعليق “الأرقام لا تكذب”… ويتحدّث النواب الضباط السابقين عن عدم جدية الإيرادات في الموازنة التي تتضمّن إعفاءات للغرامات والضرائب المتراكمة على الشركات والشخصيات التي لا يقبلها أي منطق، السلطة وفق النواب تسعى لتخفيض رقمي من أجل مؤتمر “سيدر”.
ومع ذلك يعتبر النواب العمداء كلام وزير المال الأخير كلامَ “شخص مسؤولٍ” ويتلاقى مع تأكيد رئيس الجمهورية ووزير الدفاع أن الجيش خط أحمر. وقد خرج العمداء بارتياح كبير من لقاء قصر بعبدا مع رئيس الجمهورية حول المسألة، لكن التطمينات السياسية لا تُلغي إمكانية حصول تخفيضات تشمل عدّة نواحٍ أخرى، وتجارب السلطة في كل المحطات تدفع باتجاه عدم تصديق الوعود وفق أوساط العسكريين المتقاعدين “سبق لهم أن وعدوا بسلسلة رواتب أتت مشوّهة ومقسّطة على دفعات” .
ينتظر العسكريون المتقاعدون أن تتمّ ترجمة الكلام على أرض الواقع وليس بالكلام، التهدئة الحالية فرضتها المشاورات بانتظار جلاء الصورة أكثر وسحب كل البنود المتعلّقة برواتب العسكريين والتخفيضات اللاحقة بهم من مشروع الموازنة، وأن تُعمّم سياسة التقشف على الجميع بدل تطبيقها على المؤسسة العسكرية .
صار ثابتاً أن قضية إلغاء التدبير رقم 3 غير مطروحة في الموازنة وتمّ التراجع عنها تحت وطأة الضغوط وفق أوساط المتقاعدين. وزير الدفاع إلياس بو صعب في جولته على الحدود الشرقية حسم الأمر بأن إلغاء التدبير رقم 3 من صلاحية قيادة الجيش التي يحقّ لها وحدها إلغاء التدابير لأن العودة إلى التدبير رقم 1 يُعيد الجيش إلى الثكنات .
التدبير استُحدث لدرجة الحالات القصوى والجهوزية ويتقاضى بموجبه العسكري راتب 3 أشهر عن كلّ سنة خدمة في المؤسسة العسكرية وتطالب السلطة السياسية تحت ستار التقشّف بحصر التدبير بمهام أمنية محدّدة بدل تعميمه على كل العسكريين .
وعليه فإن الهواجس الأخرى المتبقية بعد انتفاء المسّ بالتدبير رقم 3 تتركّز حول تقديمات العسكريين وبدائل ممنوحة للضباط .

بواسطةمروى غاوي
مصدرlebanonfiles
المادة السابقةالموازنة في ميزان السلبيات والايجابيات
المقالة القادمةمشروع الموازنة يهدّد الضمان!