هل تسعى شركات التأمين إلى الكسب غير المشروع على حساب متضرّري انفجار المرفأ؟

في إطار الحديث عن موضوع تسديد التعويضات، يُطرح السؤال حول ما إذا كانت شركات التأمين تسعى من خلال التعويضات المدفوعة أو المنوي دفعها إلى تحقيق كسب غير مشروع على حساب المضمونين المتضرّرين من الانفجار.

هذا السؤال يجد ما يبرّره بالنظر لكون العديد من شركات التأمين قد احتفظت، ولا تزال تسعى، بعد نحو سنة من وقوع الانفجار، إلى الاحتفاظ بجزء ممّا يصلها من معيدي الضمان من تعويضات مدفوعة بالعملات الأجنبية، وتحديداً بالدولار الأميركي، في مقابل قيامها بتسديد التعويضات للمضمونين المتضرّرين، أو جزءٍ كبيرٍ منها بالليرة اللبنانية أو بالدولار المصرفي المحلّي، وبصورة لا تعكس غالبًا القيمة الحقيقية للأضرار المسعّرة بالدولار الأميركي الفعلي، مع العلم أن حصّة معيدي الضمان تشكّل الحصّة الأكبر من تعويضات التأمين، إذ تصل أحياناً كثيرة إلى حدود 80 أو 90 في المئة من تلك التعويضات.

والواقع أن العديد من شركات التأمين العاملة في لبنان، سعت ولا تزال عبر هذه الممارسة إلى تغطية خسائرها الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت، فضلا عن خسائرها المتراكمة، خصوصا في السنتين الأخيرتين نتيجة اضطراب الظروف السياسية وتردّي الأوضاع الاقتصادية وأزمات القطاع المصرفي وتداعيات جائحة “كورونا”، وذلك عبر تحقيق كسب لها، من خلال الاحتفاظ لنفسها بجزء من تعويضات التأمين التي تصلها من معيدي الضمان كأموال جديدة بالعملات الأجنبية.

هذا الواقع تنبّه له المشترع، ما حدا بمجلس النواب في جلسته التشريعية المنعقدة في 30 حزيران 2021 إلى إقرار قانون يرمي إلى إلزام شركات الضمان العاملة في لبنان بتسديد جزء من الأموال الناتجة عن كافة عقود الضمان كأموال جديدة Fresh Money، حيث يلزم القانون المذكور بأن توزّع المبالغ الناتجة عن عقود إعادة التأمين على المستفيدين من عقود الضمان.

في المقابل، على المضمونين المتضرّرين من الانفجار التنبّه جيّداً لحقوقهم، وعدم قبول إجراء تسويات من شأنها هضم تلك الحقوق أو التقليل من قيمة التعويضات المدفوعة أو تسديدها بغير الأموال الفعليّة أو الجديدة وذلك على الأقلّ لجهة حصّة معيدي الضمان من تلك التعويضات.

وفي هذا السياق، من المفيد للمضمونين الطلب من شركات التأمين إطلاعهم على ترتيبات إعادة التأمين، وإلاّ الطلب من القضاء المختص إلزام شركات التأمين بإبراز تلك الترتيبات في حال امتناع الشركات عن إبرازها وذلك ضماناً لاستيفاء الجزء الأكبر من تعويضات التأمين كأموال جديدة على ضوء حصّة معيدي الضمان من الترتيبات المعقودة مع شركات التأمين.

مصدرنداء الوطن - المحامي روجيه كرم
المادة السابقةالرسوم الدبلوماسية… بالبطاقة الإلكترونية
المقالة القادمةالمواطنون “يحترقون” والسلطة تتقاذف “نار” التسعيرة