هل تسقط السرية المصرفية؟

إنتفت الاسباب الموجبة التي من أجلها تبنّى لبنان نظام السرية المصرفية، والذي كان في فترة من الفترات موضع تفاخر بسبب مساهمته في نمو الوضع المالي وازدهاره. فهل يوافق مجلس النواب على إلغاء قانون السرية المصرفية، والاستعاضة عنه بقانون يقترحه النائب ميشال ضاهر للمرحلة المقبلة؟

تقدم النائب ميشال ضاهر، عبر مجلس النواب، باقتراح قانون معجل مكرر يرمي الى إلغاء السرية المصرفية، ليس فقط على فئات معينة كالمسؤولين في السلطة العامة، بل يشمل جميع الحسابات المصرفية وذلك بعدما طُرح موضوع مكافحة الفساد على مصراعيه.

وأعلن ضاهر انه «نتيجة الظروف الإستثنائية التي تمرّ بها البلاد، ولأنّ عمليات تهريب الأموال غير المشروعة تزداد والفساد يزداد وفي المقابل الدولة تنهار، ولأنّ هناك حاجة ملحّة للتسريع في بَت ملفات كثيرة لها علاقة بالفساد كاستعادة الأموال المنهوبة وجرائم تبييض الأموال وغيرها من الجرائم، ولأنّ السرعة تكمن في اتخاذ الخطوة الأولى والأساسية وهي رفع السرية المصرفية عن الحسابات، لذلك، جئنا بمذكرتنا هذه، طالبين من دولتكم طرح اقتراح القانون المعجل المكرر المرفق على مجلس النواب في أول جلسة يعقدها، راجين من المجلس الكريم إقراره وفق المواد 109 و110 و112 من النظام الداخلي.

وجاء في حيثيات اقتراح القانون، ما يلي:

أولاً: يلغى قانون سرية المصرف الصادر بتاريخ 3/9/1956.

ثانياً: تعتبر السرية المصرفية مرفوعة تلقائياً عن كافة الحسابات المصرفية منذ عام 1991.

ثالثاً: على المصارف أن تضع آلية واضحة لعملائها، لتقديم طلب الحصول على معلومات عن حسابات لديها.

رابعاً: يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر حتى سنة وبغرامة تتراوح بين خمسين مليون ليرة ومئتي مليون ليرة أو بإحدى هاتين العقوبتين من يستعمل معلومات عن حسابات مصرفية بهدف الإضرار والتشهير بالأشخاص.

في حال التكرار تطبّق أحكام المادة 257 من قانون العقوبات.

وفي الأسباب الموجبة التي وردت في الاقتراح:

أولاً، انّ المشرع اللبناني بادر الى مواكبة المنحى الدولي الهادف الى مكافحة الفساد وتبييض الاموال، وحيث أنّ لبنان انضَم الى عدة اتفاقيات في هذا المجال، منها مكافحة الجريمة المنظمة (قانون رقم 680 تاريخ 24/08/2005) واتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد (قانون رقم 33 تاريخ 16/10/2008)، وحيث أنّ الالتزام بتطبيق هذه الاتفاقيات كما مكافحة تبييض الاموال يتطلب إزالة العائق المتمثّل بالسرية المصرفية.

ثانياً، إضافة إلى التحديات الدولية الكبرى التي يواجهها نظام السرية المصرفية في لبنان، هنالك متطلبات محلية لرفع السرية المصرفية ليس فقط على فئات معينة كالمسؤولين بالسلطة العامة (Politically exposedperson)، بل ليشمل جميع الحسابات المصرفية، وذلك بعدما طرح موضوع مكافحة الفساد على مصراعيه، لأنّ الفساد لا يقتصر فقط على مَن تولّى مركزاً في السلطة العامة، بل أصبح ثقافة تنخر كل اللبنانين.

ثالثاً – يقف قانون السرية المصرفية الصادر بتاريخ 3/9/1956، في وجه تحقيق مبادئ الشفافية والعدالة.

رابعاً – أصبح قانون السرية المصرفية يعود بالضرر أكثر مما هو بالنفع على المصلحة العامة التي لها أولوية على المصالح الخاصة، حتى أصبحت المخاطر والأضرار وراء استفادة الفاسدين والمهربين والمتهربين من كافة أنواع الضرائب والرسوم من قانون السرية المصرفية جسيمة، وتفتك بحقوق الأفراد وبالدولة معاً.

خامساً – إنتفت الحاجة الى وجود السرية المصرفية لجذب الاستثمارات والرساميل الخارجية في ظل الظروف المأساوية الحالية التي يمر بها القطاع المصرفي الذي فقد كل قدرة على جذب هذه الرساميل.

سادساً – الإجراءات المعمول بها والمنصوص عليها في القوانين الحالية، لجهة رفع السرية المصرفية، تأخد وقتاً طويلاً، لا بل أكثر من ذلك، لم تصل حتى يومنا هذا إلى رفع السرية المصرفية وملاحقة فاسد واحد.

ويُختتم مقطع الاسباب الموجبة بالاستنتاج، أنه أضحى ضروريّاً في الظروف التي تمر بها البلاد اتخاذ إجراءات شاملة وإصلاحات جَمّة تواكب ما ستقرره الحكومة، سواء إعادة جدولة أو اعادة هيكلة للدين وما سيستتبعه من قرارات وإجراءات مصرفية تتطلب رفع السرية المصرفية عن جميع الحسابات.

المادة السابقةالإدعاء على رئيس اللجنة الموقتة لمرفأ بيروت بجرم هدر المال العام
المقالة القادمة“كارتيل” الأفران نحو مواجهة مع المستهلك؟