هل تصل تكنولوجيا القيادة الذاتية إلى السيارات الرخيصة؟

فتحت التكنولوجيا المتقدمة الباب أمام تفكير البعض في مدى قدرة أنظمة القيادة الآلية على تخطي التحديات ومن ثم جعلها كأداة يمكن الاعتماد عليها في السيارات العادية بحيث تكون في متناول الجميع.

وبفضل التقنيات المتطورة والأنظمة الحديثة في المركبات الفارهة بات بإمكان السائق الاستمتاع بالقراءة أو مشاهدة مقاطع الفيديو أثناء حركة المرور، ولم تعد هذه المزايا قاصرة على الراكب الأمامي أو الركاب على المقاعد الخلفية.

ولئن كانت شركة تسلا الأميركية رائدة في هذا المجال كونها سبقت الشركات الأخرى في اعتماد هذه التقنية في طرزها مثل موديل 3 وموديل واي غير أنها تتعرض لبعض المشاكل وحتى الآن لم تصل إلى المستوى الرابع أصلا.

ولا تتعلق قيود أنظمة الذكاء الاصطناعي المستخدمة في القيادة الذاتية بالأنظمة البرمجية فقط؛ بل تتعلق بالأجهزة المستخدمة في تلك السيارات أيضًا.

ووفقا لتصنيف جمعية مهندسي السيارات الدولية (أس.أي.إي) فإن هذه الوظيفة أصبحت متاحة في الموديل الحالي من سيارة مرسيدس من الفئة أس، والتي تسير بنظام القيادة الآلية العالي في المستوى الثالث.

وهذا يعني أن السائق يمكنه تسليم دفة قيادة السيارة إلى الأنظمة الإلكترونية، مع إمكانية الإمساك بزمام القيادة مرة أخرى لفترة قصيرة عندما يطلب نظام القيادة الآلية ذلك.

وتوفر شركة بي.أم.دبليو في سيارتها الجديدة من الفئة السابعة نظام القيادة الآلية من المستوى الثاني، حيث تتولى المركبة عملية القيادة بنفسها. كما تفتخر فولكسفاغن بأنها أنتجت موديلات تعتمد هذه الأنظمة وكان أول طرزها هو آي.دي 3.

وتعتبر هذه الموديلات من السيارات الرائدة تقنيا فيما يتعلق بأنظمة القيادة الآلية، وهنا يتبادر إلى الذهن تساؤل حول ما إذا كان سيتم طرح أنظمة القيادة الآلية في السيارات العادية قريبا؟

وأوضح ماركوس لينكامب من الجامعة التقنية في ميونخ (تي.يو.أم) لوكالة الأنباء الألمانية أن الأمر قد يستغرق عشر سنوات إلى أن يتم تطوير أنظمة مساعد القيادة من المستوى الثالث.

وقال إن “المستشعرات والكاميرات وحدها تكلف من 3 إلى 4 آلاف يورو كما أن تكلفة نظام القيادة الآلي في التكدسات المرورية يبلغ ستة يوروهات ضمن التجهيزات الإضافية”.

وأضاف لينكامب أنه من الوجهة الاقتصادية البحتة فإن أنظمة القيادة الآلية لن تتناسب مع السيارات المدمجة والصغيرة خلال السنوات القليلة المقبلة.

ولا يتوقع أندرياس ريجلينج، رئيس مركز اختبارات أنظمة السلامة الفعالة بمركز السيارات أي.دي.أي.سي، حدوث انفراجة في سيارات المستوى 3 قريبا.

وقال “سيتم النظر إلى أنظمة القيادة الآلية باعتبارها القاعدة العامة وليست مجرد استثناء فقط عندما تعمل بصورة بأمان تام عند قيادة السيارة بسرعة 130 كيلومترا في الساعة”.

ورغم أنه قد تم السماح من الناحية النظرية بقيادة السيارات من المستوى الثالث إلى حدود تلك السرعة، إلا أن الشركات المنتجة ليس لديها تصريح بالسرعات الأعلى، ويبلغ الحد الأقصى لسرعة السيارات المزودة بأنظمة القيادة الآلية 60 كيلومترا في الساعة فقط.

ويرى ريجلينج أن هذه الأنظمة تعتبر تحديا كبيرا في سيارات المستوى الثاني، حيث ينشأ خطر اعتماد السائق عليها بدرجة كبيرة رغم أنه مسؤول بشكل كامل عن سلامة القيادة في كل الأوقات.

وعلاوة على ذلك يعتقد الخبير أنه لا توجد ميزة حقيقية نظرا إلى أن قائد السيارة يتعين عليه متابعة الطريق باستمرار.

ويرى يان بيكر، خبير القيادة الآلية بجامعة ستانفورد، والذي طور برنامج تشغيل للسيارات ذات أنظمة قيادة آلية بالتعاون مع شركته إبكس أي.آي، أن مساعد القيادة في التكدسات المرورية توفر ميزة مريحة للسائق، وبالتالي لن يحتاج إليه السائق بشكل ضروري.

ولذلك لم تنص السلطات المختصة على استعماله بشكل عام، على العكس من أنظمة سلامة القيادة الأخرى مثل نظام المكابح المانع للانغلاق (أي.بي.أس) وبرنامج تعزيز الاتزان الإلكتروني (إي.أس.بي)، وبالتالي فلن يساهم ذلك في الانتشار السريع لأنظمة القيادة الآلية.

ونظرا إلى الجوانب التقنية المعقدة فإن التجهيز اللاحق بنظام القيادة الآلية يعتبر من الخيارات النظرية فقط. وأوضح لينكامب قائلا “يتطلب ذلك تكاليف باهظة ومجهودات كبيرة”.

ومع أن التجهيز اللاحق ممكن من الناحية التقنية، إلا أنه لا يمكن القيام بذلك عمليا؛ نظرا إلى أنه يجب تعديل “الأنظمة المتعلقة بالسلامة” الخاصة بالتوجيه والمكابح وأجهزة التحكم.

ومن الواضح أن أنظمة القيادة الآلية لن توفر مزايا كبيرة لسيارات الركاب الخاصة، ويعتبر لينكامب أنظمة القيادة الآلية أكثر اقتصادية مع السيارات الروبوتية أو الحافلات العامة أو الشاحنات أو المركبات التجارية، التي يتم تشغيلها لساعات طويلة على مدار اليوم.

وقال إن “هناك مشكلة أساسية تتمثل في التفسير المختلف لقواعد المرور من جانب الإنسان والسيارات المزودة بأنظمة القيادة الآلية”.

وأضاف “غالبا ما تنحرف الطبيعة البشرية عن قواعد المرور، ولكن السيارات التي يتم التحكم فيها بواسطة الكمبيوتر تعمل بشكل أكثر دقة”.

وأوضح أن ذلك قد يوفر ميزة في حركة المرور التي يكثر فيها التوقف وإعادة بدء السير حيث يقوم النظام المعتمد على الكمبيوتر بغلق الفجوات بشكل أسرع، وهو ما يساعد في مواجهة التكدسات المرورية.

وتعد تقنية الاتصالات كار-تو-إكس بتوفير المزيد من التناغم والانسجام؛ حيث يمكن مشاركة البيانات الخاصة بحركة المرور وحالة الطرقات بين السيارات وأنظمة المرور مثل إشارات المرور، وبالتالي يستجيب قائدو السيارات والأنظمة تبعا لهذه البيانات.

ولكن سيستغرق الأمر سنوات عديدة إلى أن تعمل الأنظمة بسلاسة وتتوافر البنية التحتية المناسبة،

وقال لينكامب “لم تلتزم شركات السيارات بأي معيار لأنظمة القيادة الآلية حتى الآن، ولم يتضح بعد ما إذا كانت الاتصالات ستتم عبر شبكة دبليو-لان أو تقنية الجيل الخامس للاتصالات (5 جي)”.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالأسواق متذبذبة مع غياب المحفزات
المقالة القادمةتسارع وتيرة التضخم السنوي في فرنسا