هل تغير تقنية الخلايا الشمسية عالم السيارات مستقبلا

فرض التطور المتسارع، الذي تشهده صناعة الطاقة الكهربائية المتجددة والنظيفة، الذهاب إلى أبعد مما هي عليه الأمور الآن، فالسيارات قد تتحول مع مرور الوقت إلى صناديق متنقلة تعمل بالطاقة الشمسية رغم أن هناك تنافسا شديدا مع تلك التي يتم شحن بطارياتها من محطات مخصصة للغرض أو من خلال مقابس للتيار الكهربائي مثبتة في المنازل.

يؤكد الكثير من المختصين في عالم المركبات الصديقة للبيئة أن مستقبل هذه النوعية من السيارات والتنقل بشكل عام يكمن في استخدام الطاقة الشمسية واستغلالها لأقصى درجة ممكنة.

وتطرح هذه المسألة جدلا واسعا ممزوجا بالتفاؤل من إمكانية الاستفادة من تكنولوجيا الطاقة الشمسية في السيارات التي تتم صناعتها بشكل قياسي وأن لا يقتصر الأمر على نماذج يمكن تقديمها في المعارض.

ويظن البعض حتى الآن أن هذه النوعية من المركبات تستخدم الشمس كطاقة ثانوية، وليست كطاقة أساسية لإمداد السيارات بالطاقة اللازمة للتشغيل.

وبالنسبة إلى من يعتقد أن تلك السيارات لا تتحرك كليا بالطاقة الشمسية، فإن هناك تجارب ظهرت في السنوات القليلة الماضية، وهي تأتي انسجاما مع توجه الحكومات نحو اعتماد البصمة الكربونية في هذه الصناعة.

وتترقب العديد من الدول ظهور طلائع جحافل السيارات العاملة بالخلايا الشمسية، والتي ستطوي صفحة مركبات الاحتراق الداخلي وإلى الأبد. ويتوقع أن تغيّر هذه التقنية شكل الصراع ولاسيما مع تزايد الاهتمام بالمركبات الكهربائية، التي من المفترض أن تستفيد من الطاقة الشمسية لتشغيلها مستقبلا.

وما يميّز السباق المحتدم هو اقتحام شركات ناشئة لهذه الصناعة عبر ابتكارها سيارات تعمل بنظام الخلايا الشمسية، حيث تعدّ أحدث صيحة في عالم صناعة السيارات الصديقة للبيئة. كما أن علامات شهيرة بدأت تفكر جديا في الدخول إلى السباق، وهو ما اعتبره المختصون دليلا على أن المنافسة على ابتكار السيارات الكهربائية سيتغيّر ويزداد شراسة.

أحدث نموذج

قدمت شركة لايت يير الهولندية الناشئة مؤخرا سيارة نموذجية باسم لايت يير ون يمكن قيادتها لمسافات طويلة بالاعتماد على الطاقة الشمسية.

وذكر موقع كلوبيك الفرنسي المتخصص في عالم السيارات أن لايت يير ون تأتي مع غطاء محرك وسقف مصنوع من 5 أمتار مربعة من ألواح الطاقة الشمسية المتصلة ببعضها البعض، ويتم تغليف تلك الألواح الشمسية بزجاج قوي للغاية مقاوم للصدمات.

ويقول المسؤولون في الشركة إن هذه السيارة الصغيرة المميزة تعطي الأمل في أن المركبات المستقبلية يمكن أن تعتمد على الطاقة الشمسية في المستقبل القريب.

وكانت لايت يير قد أعلنت في شهر مايو 2018 ولأول مرة أنها تبتكر سيارة تعمل بالطاقة الشمسية، في تحدّ لأكبر الشركات الناشئة الأخرى وفي مقدمتها تسلا الأميركية. وأكدت الشركة في ذلك الوقت عن إتمام حجز أول مئة نسخة من النموذج، الذي سيظهر على الطرقات مع نهاية 2021، وأنها تخطط لإنتاج 500 سيارة مبدئيا.

وأوضحت أن أيقونتها لايت يير رباعية الدفع تعتمد على أربعة محركات مركبة على صرة العجلات تعمل بالطاقة الكهربائية، التي تستمدها من الخلايا الشمسية، لتتيح إمكانية التنقل لأسبوع كامل أو حتى شهر دون الحاجة إلى الشحن.

واعتمادا على نوع البطارية يفترض أن يصل مدى سير السيارة، التي سيتم تصنيعها بالتعاون مع شركة التطوير الألماني إي.دي.أي.جي بشحنة واحدة إلى 800 كلم. ويمكن أن تتم عملية الشحن، وفق المواصفات الفنية للسيارة، عن طريق التوصيل بمقابس الكهرباء، أو عن طريق الشاحن السريع.

ويمكن تطبيق تكنولوجيا الطاقة الشمسية على مركبات النقل المشترك، التي ستستفيد من ألواح الطاقة الشمسية لشحنها بشكل مستمر أثناء عملها نهارا، وتخزين بعض الطاقة في بطاريات كبيرة مناسبة للعمل أثناء الليل.

وإحدى الأفكار المستندة على ذلك هي مركبات شركة سكواد موبيليتي الصغيرة للغاية والتي تشبه عربات الجولف، حيث تعمل هذه السيارات بالشحن عبر الطاقة الشمسية.

وتصل السرعة القصوى لهذه المركبة الصديقة للبيئة إلى 45 كلم في الساعة ويمكنها حمل شخصين، مع وجود نسخة أخرى بسرعة قصوى 80 كلم في الساعة.

وسبقت شركة سونو الألمانية جميع منافسيها عندما كشفت في أغسطس الماضي أنها ستطرح سياراتها الكهربائية سيون الجديدة، التي تعمل بالطاقة الشمسية بنهاية هذا العام.

وتعتمد السيارة، التي تتمتع بتصميم يحاكي موديلات الفان الكلاسيكية على سواعد محرك كهربائي بقوة 120 كيلوواط، أي ما يعادل 163 حصانا مع عزم دوران أقصى يبلغ 290 نيوتن متر.

وزوّد المصممون السيارة بخلايا شمسية بالسقف والجوانب، إذ تعمل على معالجة أشعة الشمس المباشرة والضوء المنتشر لتتمكن من التقاط الضوء المنعكس من واجهات المنازل، على سبيل المثال.

وتبلغ سعة البطارية 35 كيلوواط ساعة، في حين يصل مدى السير إلى 505 كلم بفضل الألواح الشمسية على جسم السيارة، التي تعمل على توليد الطاقة الكهربائية. أما السرعة القصوى فتقف على أعتاب 140 كلم في الساعة.

ولم يقف إبداع الشركة عند هذا الحد، بل يمكن للسيارة البالغ سعرها 25.5 ألف يورو، أن تشحن شقيقتها بالكهرباء عبر تطبيق سونو لتحديد كمية التيار.

وكانت بدايات الشركة مع هذا الابتكار في 2016 حينما طورت أول نموذج لسيارة وهي مغطاة بالألواح الشمسية، ويمكنها السير لمسافة 115 ميلا بشحنة واحدة فقط للبطارية التي تعمل بالطاقة الشمسية.

معايير مهمة

الكثير من الجهود العلمية لا تزال تقف عند حدود بعض المشكلات لنشر هذه التكنولوجيا، من بينها مشكلة تجميع الطاقة الشمسية وتخزينها في السيارة لاستخدامها خلال الليل أو تحت الغيوم.

وحاولت شركات تجاوز المشكلة عبر تزويد السيارة ببطارية لتخزين الطاقة الشمسية، والتي تستطيع تزويد السيارة بالطاقة اللازمة من الغروب وحتى طلوع شمس اليوم التالي، إلا أن هذه البطارية تزيد من ثقل السيارة.

كما أن من المشكلات التي تعاني منها هذه الصناعة، أن المركبات يجب أن تقف في أماكن معرضة للشمس، لسحب الطاقة اللازمة للتشغيل والشحن خلال توقفها.

ولكن لايت يير، مثلا، استثمرت في تعلم كيفية بناء الخلايا الشمسية لاستخدامها في سياراتها، وتستمر في القيام بذلك لأنها تصور كيفية عمل طبقة الخلايا الشمسية على الهيكل.

وتؤكد أنه تجب حماية الخلايا الشمسية من الرياح والطقس، وعادة ما يجب وضعها على الأسطح المنحنية لمواجهة أي تحديات قد تعترض تشغيل السيارة.

ويسعى عمالقة صناعة السيارات المعروفون بإنتاج علامات شهيرة إلى اعتماد هذه التقنية في بعض الموديلات، التي ينوون إنتاجها في المستقبل.

وأبدت هيونداي الكورية الجنوبية قبل فترة رغبة في تجهيز بعض سياراتها الهجينة بألواح شمسية. ولم تكشف المزيد من التفاصيل حول العلامات التي من المفترض أن تزوّد بها سياراتها أو قيمتها حينما يتم طرحها رسميا في الأسواق.

في المقابل، تقوم شركة تويوتا اليابانية بالفعل بتسويق نموذج لسيارة بريوس ذات سقف شمسي، كان في البداية مخصصا فقط لمدّ نظام التكييف بالطاقة.

وبدأت تويوتا بالفعل اختبارات على نسخة جديدة ومحسنة من الخلايا الشمسية في الموديل بريوس بي.أتش.في الذي لا ينتج إلا في اليابان.

ومع ذلك فإن المنافسة الشديدة في السوق قد تجعل الأمور معقدة أكثر مع وجود معايير تبدو أسهل وأقل جهدا مع السيارات الصديقة للبيئة التي يتم شحن بطارياتها بالتيار الكهربائي من المحطات المخصصة لذلك أو من مقابس مثبتة في المنازل.

وتتمتع السيارات الكهربائية بمزايا عديدة مثل الحفاظ على البيئة وانخفاض تكاليف التشغيل والصيانة وانعدام رائحة البنزين أو الديزل وعدم وجود أيّ اهتزازات أو ضجيج مزعج. ويتعين على المرء مراعاة بعض المعايير قبل شراء طراز منها.

ويؤكد شتيفان هايمليش، رئيس مجلس إدارة نادي سيارات أوروبا (آي.سي.إي) أنه تتعين معرفة كيفية الشحن نظرا لأن سلوكيات استخدام السيارات الكهربائية تختلف عن الموديلات المزودة بمحركات الاحتراق الداخلي.

ونسبت وكالة الأنباء الألمانية إلى هايمليش قوله إنه “يتم شحن ما بين 80 و90 من السيارات الكهربائية في المنزل، وهناك نسبة قليلة من أصحاب السيارات الكهربائية الذين يذهبون إلى محطات الشحن الكهربائي”.

وبالتالي يتعين على المرء، الذي يرغب في شراء سيارة كهربائية، توفير إمكانية الشحن في المنزل أو سيكون البديل الشحن في مقر العمل، ولا تتوافر إمكانيات شحن السيارات الكهربائية في الأماكن العامة بكثرة حتى الآن.

وأضاف هايمليش إن “محطات الشحن العامة عادة ما تكون بطيئة للغاية، أما محطات أتش.بي.سي فائقة الأداء على الطرق السريعة فإنها تكون باهظة التكلفة للغاية”.

وبعد ذلك يظهر التساؤل حول نوعية السيارة المناسبة ومدى السير، الذي توفره شحنة البطارية إذ لا يوجد مبرر للخوف من مدى السير في أغلب الأحيان نظرا لأن أغلب السائقين يقطعون مسافة 40 كلم يوميا، وعندما يتم الشحن ليلا، فإن البطارية تكون ممتلئة الشحنة في صباح اليوم التالي.

ولذلك فإن الموديلات الصغيرة والمدمجة تكفي احتياجات معظم الأشخاص، كما تتعين معرفة عدد المرات، التي يتم فيها السفر لمسافات طويلة أو عما إذا كانت هناك رغبة في استعمال السيارات الكهربائية للانطلاق في الرحلات الطويلة.

وعند الرغبة في استعمال السيارة الكهربائية كسيارة ثانية في المنزل للتنقل يوميا إلى العمل وكذلك التنقل داخل المدن، فإن الموديلات الصغيرة تكفي، مثل سيارة سيات مييت الكهربائية وسكودا سيتيغو إي.آي.في وفولكسفاغن آب الكهربائية.

وعادة ما توفر مثل هذه السيارات مدى سير أقل من 200 كلم، كما تعد موديلات رينو زيو وهيونداي كونا الكهربائية ونيسان لييف من البدائل الجيدة، وإن كانت أكبر حجما وأكثر تكلفة.

وتمتاز السيارات الخضراء بانخفاض تكاليف التشغيل، ودائما ما ترتبط بتوفير النفقات. ويعتقد هايمليش أن تكاليف تشغيل السيارات الكهربائية تنخفض بما يصل إلى 60 في المئة.

وعلاوة على ذلك فإن تكاليف الصيانة أقل بكثير نظرا لأن تكاليف الكهرباء أقل من تكلفة البنزين والديزل، بينما تتوفر السيارات ذات خلايا الوقود والمزودة ببطاريات كهربائية بتكلفة باهظة مثل سيارة هيونداي نيكسو وتويوتا ميراي.

شحن خلايا البطارية

ينصح توماس شرينير الخبير في نادي السيارات والسفر بألمانيا (أي.آر.سي.دي)، بالاطلاع على البيانات التقنية للسيارات الكهربائية والاستفسار عنها.

ويقول إنه إلى جانب قدرة البطارية وسعتها يجب عند شراء السيارات الكهربائية الاستفسار عن سرعة الشحن، وهذا يشمل أيضا ما إذا كان الشحن يتم بواسطة تيار متردد أم بواسطة تيار مباشر أو ما إذا كان التيار أحادي الطور أو ثلاثي الطور.

وحسب نوع السيارة وطرازها قد لا يقوم الشاحن الموجود في السيارة الكهربائية بنقل التيار من المقبس المنزلي إلى السيارة بسرعة كافية، بحيث يتم خفض سرعة الشحن.

وفي السيارات الكهربائية يتم تحويل التيار المتردد من الشبكة الكهربائية إلى تيار مباشر لكي يتم تخزينه في البطارية، وفي حالة وجود شاحن ضعيف على متن السيارة الكهربائية فقد لا تتم الاستفادة من قدرة الشحن بالكامل، سواء كان ذلك في المنزل أو محطات التزود بالطاقة العامة.

ولذلك يجب أن تشتمل السيارات الكهربائية على شاحن ثلاثي الطور على الأقل حتى إذا كان يتوفر بتكلفة إضافية في بعض السيارات، وبالنسبة إلى محطات الشحن السريع على الطرق السريعة فإنه يتم هنا تدفق تيار مباشر، وبالتالي لا يلعب الشاحن الموجود على متن السيارة الكهربائية أي دور مقيد لعملية الشحن.

وحتى إذا كانت السيارات الكهربائية الصغيرة والمخصصة للمدن تشتمل على بطارية أصغر ومدى سير أقصر، فإن الخبير الألماني شرينير يرى أن هذه الفئة من السيارات منطقية للغاية.

ويقول إن هذه النوعية من السيارات تمتاز بأنها أصغر حجما وأكثر قدرة على المناورة وخالية من الانبعاثات الضارة وتحتاج إلى قدر أقل من التيار الكهربائي وتتوافر بتكلفة منخفضة.

ورغم أن البطارية الأكبر توفر مدى سير أطول، إلا أنها تحتاج إلى فترة شحن أطول، ويمكن للزبائن الاختيار بين موديلات سيات ميي إلكتريك وهوندا إي وفولكسفاغن آي.دي 3.

وأعلنت شركة مرسيدس أنها سوف تطرح الموديلات إي.كيو.أي وإي.كيو.بي الكهربائية في الأسواق العالمية خلال العام المقبل، بعد أن قدمت شركة بي.أم.دبليو سيارتها آي.إكس 3.

وتعد السيارة مازدا أم.إكس 30 من السيارات الكهربائية المتعددة الأغراض بمدى سير يصل إلى 250 كلم، ومن المتوقع طرحها في الأسواق منتصف العام الجاري.

وبعد نفاد شحنة البطارية الكهربائية فإنه يمكن اللجوء إلى تشغيل محرك الاحتراق الداخلي، في حين يصل مدى السير لسيارة هيونداي كونا إلكتريك إلى 447 كلم.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةالمغرب يطلق خطة بـ120 مليار درهم لإنعاش الاقتصاد
المقالة القادمةأسرع طائرة في العالم بمساهمة “رولز رويس”