بعد الشروط التي فرضت على لبنان من قبل الدول المانحة في مؤتمر سيدر، أقرت الحكومة خطة الكهرباء، ومن ثم اقرت الموازنة بعد جلسات ماراتونية بنسبة عجز منخفضة مقارنة بالموازنات السابقة، ولكن يبقى السؤال: هل نجحت الحكومة في بث الإطمئان لدى مانحي مؤتمر سيدر؟ وبماذا تختلف قروض مؤتمر سيدر عن مؤتمرات باريس 1 و2 و4؟ وهل هناك مخاوف من ان تستنزف هذه القروض المال العام وان نغوص في نشاريع يقودهاالسياسيين الذين اوصلوا اقتصاد لبنان الى حالة دراماتيكية؟
بحسب الاستاذة في الجامعة اللبنانية غادة عطا “إن شروط مؤتمر سيدر واضحة وتكمن بمكافحة الفساد والهدر من جهة والتنشيط الاقتصادي من جهة اخرى، ما يستدعي ضبط مزاريب الهدر المرفأ، الجمارك، المعابر الحدودية ،شبكات التهريب، التهرب الضريبي وغيرها…. اما بالنسبة للتنشيط الاقتصادي، فإن تراكم الضرائب سينعكس سلبا على الاقتصاد علماً بإن الثقة بالاجراءات معدوم لان التجربة مع معظم المسؤولين ليست مشجعة” .
واشارت عطا الى “التجربة الإندونيسية التي عملت على الاقتراض من صندوق النقد الدولي ولكنها رفضت تكرار التجربة بل بحثت عن سياسات اقتصادية بديلة في حالة الأزمات المالية”. واذ سألت “لماذا لا نفكر نحن بسياسات بديلة بدل الوقوع اكثر وأكثر في براثن الدين؟”، اعتبرت “انه من الضروري التفكير بموازنة طوارىء أو موازنة الضرورة القصوى للوزارات فمن الممكن ان تعطي هذه الموازنة وفرا بالمليارات وتقلص الفساد الى الحد الأدنى”.
خطر يهدد سيدر!
في الواقع، ليس مؤتمر سيدر هو المؤتمر الدولي الاول الذي يشهده الاقتصاد اللبناني، بل سبقته عدة مؤتمرات لم تتوصل الى النتائج المرجوة. وفي هذا الاطار، اوضحت عطا ان “لبنان تعهد خلال باريس 1 و باريس 2 بجملة إصلاحات وقدم استراتيجية اقتصادية تمحورت حول 5 عناصر اصلاحية : تحديث الاقتصاد ، الخصخصة ، تصحيح الوضع المالي ، ادارة الدين ، الحفاظ على استقرار القطاع المالي والنقدي” .
وقالت: “حصل لبنان خلال مؤتمر باريس 2 على وعود ماليةً بقيمة 4,4 مليار دولار، ولكن المبالغ التي حصل عليها كانت 2,6 ملياري دولار على شكل تسهيلات مالية و1,3 مليار دولار قروضا، وذلك لأن لبنان لم يتمكن من استكمال برنامجه الإصلاحي سواء بالنسبة للإصلاحات الضريبية أو بالنسبة للمالية العامة للدولة أو الخصخصة بعد باريس 2”.
واضافت: “اما بالنسبة لباريس 3 كانت الوعود ب 7,538 مليارات دولار توزعت بين تعهدات للقطاع الخاص بقيمة 1,89 مليار دولارو 5,643 مليارات دولارات على شكل وعود حصل لبنان من هذه الوعود على ما قيمته 3,2 مليارات دولار. وكان المطلوب من لبنان التعهد ببرنامج اصلاحي من 6 بنود أساسية : -تنفيذ إصلاحات لتحفيز النمو الاقتصادي -إصلاح قطاع الكهرباء-خصخصة قطاع الاتصالات -تعزيز شبكات الأمن الاجتماعي -إصلاح نظام التقاعد ونهاية الخدمة” .
واعتبرت انه “كي لا يكون مصير مؤتمر سيدر كباريس 1 و2 و3 من الضروري تعزيز ثقافة نظافة الكف والجرأة بإعتماد سياسات بديلة وحكيمة وأخيرا ترميم الثقة بين الشعب والدولة”.
سيدر في حماية فرنسا
وفي اطار آخر، كانت قناة الـقناة mtv بثت تقرير مصور خلال نشرتها الاخبارية، اكدت خلاله ان “فرنسا لم تتخلَ عن لبنان في السابق ولن تتخلى عنه اليوم ولا في المستقبل، تحت هذا العنوان يتحرك السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه لترسيخ الدور الفرنسي تحت مظلة مؤتمر سيدر وهو الذي اكد للـ MTVزيارة الرئيس الفرنسي الى بيروت بعد اقرار الموازنة نهائياً. وقال” “رحبنا بايجابية على موازنة 2019 التي وافق عليها مجلس الوزراء والتي سيناقشها حالياً مجلس النواب والموازنة لم يتم تبنيها بعد ويجب ان تقر بمجلس النواب، لكنها خطوة اولى لتطبيق اصلاحات سيدر”. واكد السفير الفرنسي ان “سيدر ليس في خطر والامر يتطلب التطبيق، فالمجتمع الدولي انخرط لمساعدة لبنان على شرط ان يقوم لبنان باصلاحات بنيوية موضحًا أنه «بدأ تطبيق سيدر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيزور لبنان في النصف الثاني من العام 2019، بعد اقرار الموازنة نهائيًا.