هل صحيح ان شركات اعادة التأمين ستوقف تعاملها مع لبنان ؟

في ظل العدوان الاسرائيلي على لبنان والوضع الأمني الذي استجد تعيش شركات التأمين اللبنانية وضعا صعبا إذ يقال انها مهددة من قبل شركات إعادة التأمين بإيقاف تعاملها معها والبعض يقول بأن هذه الشركات سترفع أسعارها إذ انها تنظر بقلق لما يدور في لبنان وما سيؤول عليها بالنتيجة. “عضو مجلس إدارة جمعية شركات الضمان في لبنان، والرئيس التنفيذي” ليا أسوريكس لبيب نصر لا ينكر الأمر لكنه يشدّد على أن شركات التأمين اللبنانيه ستتعامل مع الوضع بجدية وستخرج بنتائج مرضية.

ويقول : بالرغم من الصعوبات الحالية التي يواجهها قطاع التأمين اللبناني، ليس صحيحا ما يتداول عن وقف العمل مع معيدي التأمين. إنما يوجد مجموعة كبيرة من معيدي التأمين التي تواصل العمل في السوق اللبناني، وهي من جنسيات مختلفة سواء أكانت اوروبيه او أمريكية او خليجية. ويجدر الذكر أن شركات التأمين اللبنانية لها علاقات متينة مع معيدي التأمين الذين تتعامل معهم، ومعيد التأمين إجمالا ينظر إلى السوق الذي يتواجد به ويدرس وضعه والأحداث التي تستجد به ومدى خطورتها ويبني على هذا المنطلق شروطه وإستراتيجيته. نظراً إلى الأوضاع الراهنة في لبنان من تحديات إقتصادية وأمنية صعبة ووضعه مؤخراً على اللائحة الرمادية، يقوم معيد التأمين بالتريّث ومراجعة شروطه للعمل في قطاع التأمين اللبناني. للحقيقة أن عددا قليلا من شركات الاعادة قد قرر إيقاف العمل في السوق اللبناني وتراجع شركات أخرى شروطها حاليا والبعض الآخر سيضع شروطا أصعب على شركات التأمين أثناء تجديد العقود التي يتم تجديدها عادة في بداية السنة أي في ١ – ١- ٢٠٢٥ حتى نهاية العام. إذن نحن اليوم في موسم تجديد العقود ونحن نتناقش مع المعيدين في الأمر ولهذا الغرض قام رؤساء عدد من الشركات وبينها شركتنا بزيارة المعيدين في مكاتبهم للتباحث معهم بالموضوع وقد نوقش الأمر أيضا في ملتقى شرم الشيخ الذي أقيم في الأسبوع الماضي وحضرته بعض شركات التأمين اللبنانية.

وقد لخص نصر الامر بالقول :

نعي الصعوبات التي تواجه لبنان وما يترتب على ذلك من تداعيات على شركائنا، ونشكرهم على ثقتهم بنا وصمودهم إلى جانبنا. وللمحافظة على شراكتنا الطويلة الأمدّ، ننوي مناقشة الوضع الراهن معهم محاولة إقناعها بالبقاء في قطاع التأمين اللبناني خصوصاً انها شركات عملت فيه منذ زمن طويل يتعدّى العشرين عاماً. أعتقد أن بعضها سيعدّل الشروط والتغطيات وهذا أمر نقبله لكننا سنناقش معها الأمر وسنصل حتماً إلى نتيجة جيدة وسنجد الحلول المقبولة مع بداية العام الجديد.

وعن الشروط التي ستطرحها شركات إعادة التأمين يقول :

هناك إحتمال فرض أسعار مرتفعة، إيقاف تغطية الوفاة خلال الحرب والتأمينات المرتبطة بأعمال الشغب وإحتمالية وضع المعيد استقطاعا بالبوالص فتصبح شروط البوالص أكثر صعوبة بالنسبة للمؤمّن.نظراً للشراكة القوية المتماسكة بين شركة التأمين ومعيد التأمين اذا شدّد المعيد شروطه ستضطر بالتالي شركة التأمين إلى تشديد شروطها هي أيضاً على العميل.

فشركة التأمين ترتكز على دعم معيدي التأمين لتأمين مشاريع كبيرة تقدّر بملايين الدولارات في فئات التأمين إن بالمركبات او المباني او الموجودات لذا لا تستطيع العمل دون معيد التأمين الذي يشاركها الأقساط والحوادث.

أي سترتفع الاقساط؟

نعي وجود توجه لرفع الاقساط التأمينية المرتبطة بالتأمين الإستشفائي والذي هو لاعلاقة له بوضع الحرب الحالي منذ بعض الوقت. إذ تقوم المستشفيات ونقابة الأطباء برفع أسعارها لموازية غلاء المعيشة. كما يوجد بشكل عام توجه لرفع أقساط التأمين في حال تشدّد معيد التأمين بشروطه.

ويعتبر نصر ان تشدّد شركات إعادة التأمين على أعمالها في لبنان يأتي من الأوضاع المتردّية المتراكمة في السنوات الماضية التي تابعنا بها معيدي التأمين. بالإضافة إلى كل ذلك، الانهيار الإقتصادي المتواصل ووضع لبنان على اللائحة الرمادية يسبّب بقلق عند معيد التأمين الذي يفضّل الانتقال إلى سوق أفضل له. إن واجباتنا كشركات تأمين وجمعية شركات الضمان في لبنان أن نظهر الصورة الصحيحة لمعيد التأمين ونبين له مدى قدرتنا على التعاطي مع الأمور وبإننا نعمل بشكل متواصل للحصول على أفضل نتيجة وسنحاول إقناعه بالبقاء في السوق اللبناني. علينا الا ننسى أن البوالص الخاصة بتغطية الحرب قد ارتفعت أسعارها أيضا بشكل كبير منذ بدأ حرب غزة ومن ثم الحرب على لبنان .

وتشدد شركات إعادة التأمين بالبوالص المرتبطة بأعمال الشغب وحوادث الحرب نظراً للأوضاع الراهنة حيث تلك الحوادث أصبح لها وتيرة أعلى.

واكد نصر بقاء أغلب معيدي التأمين في السوق اللبنانية هو علامة جيّدة، مع الإشارة إلى أن شركة أو اثنتين فقط قررت المغادرة حتى اليوم. ونقوم بتكثيف زياراتنا مفاوضاتنا مع معيدي التأمين الباقين، لنحافظ على شراكة متميّزة ونتفهّم أنّها لا تريد توسيع أعمالها في لبنان.

في مقابل الإقتصاد المنهار نرى ارتفاعا تدريجيا بأسعار البوالص فكيف توفقون ما بين الاثنين؟

تقوم شركات التأمين بمراجعة أقساطها خلال السنة، لمواكبة إرتفاع مصاريف المتعلّقة بالقطاع الإستشفائي وغيره. ونظراً للأوضاع المعيشية والإقتصادية المتردّية، إرتفاع أقساط التأمين أصبح ضرورياً. يجدر الذكر أن لشركات التأمين مصاريفها وتكاليفها الخاصة التي ترتفع بشكل تدريجي أيضاً سواء في الحوادث التي تغطيها أو بشروط إعادة التأمين التي ترتفع أيضاً، كما عليها تسديد أجور الموظفين وهي تحاول منح زبائنها أفضل.

وحول ارتفاع اسعار بوالص التأمين الصحي يقول :

منذ بداية الأزمات التي واجهت لبنان خلال السنوات الأربع الماضية والحاضرة والتي تؤثّر جميعها بشكل مباشر على القطاع الطبي، شهد قطاع التأمين إرتفاعا نسبيا سنويّاً للأقساط التأمين التابعة لبوالص التأمين الإستشفائي. ويمكننا أن نتوقع استمرار هذا الإرتفاع خلال السنة الحاضرة والمقبلة. فيقوم هذا الإرتفاع بسدّ ثغرة ناتجة عن التراجع الإقتصادي وغيره.

إرتفاع الأقساط التأمينية مرتبط بعدّة معايير ضمن القطاع الإستشفائي والإجتماعي، فليس بإمكاننا تحديد نسبة إرتفاع الأقساط بدقّة مقدماً دون مراجعة الأرقام وصورة شاملة عن الوضع الحالي. وتقوم شركات التأمين اليوم بدراسة هذا الإرتفاع للموافقة ما بين مصالحها، مصالح شركائها والمؤمّنين لديها للحصول على أفضل نتيجة.

بما يتعلّق بالشركات التي لن تستطيع التماشي مع وضع السوق، نسبة الخطر عليها ضئيلة نظراً لتنوع شركات التأمين في السوق اللبناني. فالمرحلة التي نمرّ بها صعبة، ولا تهدّد قطاع التأمين إنما تصعّب عمله فقط. فتلك الشركات بإستطاعتها العمل مع معيدي تأمين آخرين جاهزين لدعمها.

ويعتبر التخلي عن معيدي التأمين أمرا لا يصبّ بمصلحة شركات التأمين. فمعيد التأمين يقوم بحماية شركة التأمين من خلال دعمها ومشاركتها بالخسائر التي تتحمّلها لاسيما عند تأمين مشاريع كبيرة كالمعامل والمصانع والمباني بما يقدّر بالملايين. فمن خلال الإتفاقيّات، يغطي ويتكفّل معيد التأمين بتسديد أقساط، اذا تخطت خسائرنا مبلغا معينا او نسبة معينه. أفضل مثال على ذلك، أن لولا وجود معيدي التأمين لما استطعنا تغطية التكاليف التي نتجت عن انفجار مرفأ بيروت التي بلغت الملايين.

وانهى حديثه بتوصيف حالة قطاع التأمين :

لقد أثبت سوق التأمين اللبناني قوته ومرونته خلال السنوات القليلة الماضية، من خلال الأزمات المتتالية التي واجهتها البلاد وما فرضه ذلك من صعوبات على سوق التأمين وشركائه. شهدنا بدأً بالثورة ثم الوباء العالمي كوفيد-19 مروراً بإنهيار العملة اللبنانية وإنفجار المرفأ المميت، وقطاع تأمين قام فوراً بقلب أقساط التأمين إلى اللولار ثم إلى الفريش، ومراجعة الأسعار وتعديل التغطية. ويمرّ اليوم قطاع التأمين مرّة أخرى بمرحلة صعبة وسط ظروف الحرب ومواجهة قطاع إعادة التأمين المتردّد، وهو مندفع وملتزم أكثر من أي وقت مضى على تجاوز كل ذلك. إن القطاع لديه صعوبات والشركات تعمل بشكل متكاتف لكي يبقى قطاع التأمين فخراً للاقتصاد اللبناني.

مصدرالديار - جوزف فرح
المادة السابقةوزير الاقتصاد: نحن أمام فرصة جديّة لإعادة تشغيل مطار القليعات بعد الحرب وسيكون من ضمن التسوية