لم يستقم المشهد تماماً في سوق الوقود في الجنوب، رغم مرور حوالى أسبوع على تكليف الأمن العام ضبط تسلّمه وتوزيعه من منشآت النفط في الزهراني التابعة لوزارة الطاقة والمياه. الشكاوى لا تقتصر على احتكار المازوت وبيعه في السوق السوداء بأسعار مضاعفة عن سعره الرسمي، بل وصلت حد توقف بعض تجار الوقود وأصحاب المحطات عن بيع البنزين وإقفال المحطات، ما تسبب بأزمة في اليومين الماضيين، لا سيما في النبطية وصور. وبحسب مصدر في نقابة أصحاب المحطات، فإن «شركتي استيراد المحروقات اللتين تتعامل معها غالبية المحطات في الجنوب تأخرت شحناتهما بالوصول إلى مطلع الأسبوع المقبل بسبب تأخر صرف الاعتمادات من وزارة المالية بالتنسيق مع وزارة الطاقة». لذا، فضّل بعض أصحاب المحطات إقفالها والاحتفاظ بالمخزون المتوافر لديهم «إما خوفاً من انقطاعه أو للتحكم بسعره في حال طالت الأزمة». علماً بأن صرف الاعتمادات للشركات الـ 18 المستوردة للمشتقات النفطية «يخضع بدوره للعبة المحاصصة الطائفية والنفوذ السياسي الذي يفرض ترتيب الأولويات في صرف الاعتمادات»،.
إلى ذلك، انتشرت شائعات كثيرة عن أفراد يتسلّمون يومياً مئات آلاف الليترات من منشآت الزهراني التي يفترض أن تسلم المازوت الى شركات مرخص لها من وزارة الطاقة والمياه. وتتحدث الشائعات عن «تورط مسؤولين حزبيين مدعومين في الضغط على موظفي المنشآت لتسليمهم المازوت بقوة السلاح أحياناً».
وكان مدير منشآت الزهراني زياد الزين نفى لـ«الأخبار» تلك الشائعات، وقال إن ضبط الوضع مسؤولية الأجهزة الأمنية التي تراقب الصهاريج والكميات المحملة وأسعارها ووجهاتها. لكن الوجود الأمني داخل المنشآت وعلى بابها حديث النشأة. فقبل أقل من شهرين، استحدثت نقطة ثابتة لمديرية الجمارك. وقبل نحو أسبوع استحدثت نقطة مؤقتة للأمن العام. مصدر في إحدى الشركات أكد أن «الفلتان ضبط بنسبة كبيرة بعد حضور الأمن العام، مع استمرار وجود ثغرات بسبب تدخلات سياسية، ما يؤدي إلى تفاوت في الكميات المسلّمة».
مصدر مسؤول في الأمن العام أوضح لـ«الأخبار» أن مهمته «المراقبة منعاً للاحتكار ونشوء سوق سوداء. إنما لا دخل لنا بكيفية توزيع الحصص التي تحددها الوزارة مع الشركات». وتعمل القوة التابعة للجهاز في المنشآت تسجيل الصهاريج الداخلة لتعبئة الوقود والكمية التي عبّأتها ولمصلحة أي شركة والوجهة التي ستنقل إليها، وتعمم المعلومات على غرفة العمليات في الأمن العام لمتابعة الصهاريح حتى وصولها الى وجهاتها، والتأكد من إفراغ الحمولة كاملة وتسليمها بالسعر الرسمي. لكنه المصدر أقرّ بأنه «ربما تمون سوق سوداء. ولا يمكننا ملاحقة كل ما يجري بسبب قلة العديد والآليات»، مشدداً على ضرورة تعاون المواطنين والمتضررين. وبالفعل، تلقى الأمن العام في الأيام الماضية مئات الشكاوى عن مخالفات عدة.
آمال خليل – الاخبار