خلص تقرير مسرّب صادر عن مستشار في إحدى غرف مجلس شورى الدولة، إثر طعن تقدّمت به نقابة الصيادلة ضد الدولة ممثلة بوزارة الصحة في ما يتعلّق بتطبيق نظام تتبع الأدوية (مديتراك)، إلى «إبطال القرار لصدوره عن جهة غير مختصة»، وأعاد إلى الضوء الخلاف حول تطبيق هذا النظام الذي تعتبره النقابة تعدياً على مهنة الصيدلة.
وقد حصل جدل واسع حول قانونية تطبيق نظام التتبع الإلكتروني بعدما رفضت نقابة الصيادلة تطبيقه، وامتنعت عن الدخول في آلية الربط الإلكتروني للصيدليات. وفي أيلول الماضي، توجهت نحو مجلس شورى الدولة للمطالبة بوقف تنفيذ وإبطال القرار الرقم 988/1 الصادر عن وزير الصحة، والمتعلّق بتطبيق القرارات الوزارية العائدة لنظام التتبّع الإلكتروني للدواء (مديتراك) والتزام المؤسسات الصحية والاستشفائية والصيدليات ومستودعات الأدوية به في ما يخصّ الجزء المدعوم من الأدوية.
وأتى الطعن بعد أقل من شهرين من بدء تطبيق النظام الذي تركت النقابة للصيادلة حرية تطبيقه من عدمه. واعتبرت النقابة في الشكوى أن النظام يتعدّى على مهنة الصيدلة لناحية فرض نظامٍ من قبل سلطة وصاية لها حق الرقابة وليس حق فرض القرار، «مخالفةً بذلك مبدأ الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لكون ما ذهبت إليه المستدعى ضدها من تقييد للحرية لا يمكن أن يحصل إلا بموجب قانون، فيما الأحكام المنظّمة من الوزارة لا تتضمن أي نص يعطي الوزير الصلاحيات الممنوحة له بموجب القرار المطعون به». وتأخذ النقابة على القرار تحميله أعباء للصيادلة، إذ إن النظام «يتطلب إحداث تغيير جوهري في نظام الصيدليات (…) ويمسّ شريحة واسعة من الصيادلة، وخصوصاً من غير الميسورين لإعادة تجهيز صيدلياتهم بأجهزة إلكترونية وتحمّل أعباء ومصاريف تجرّهم إلى الإفلاس والإقفال». أما ثالث الأسباب والأهم، فهو اعتبار النقابة أن النظام ليس إلا وسيلة لـ«جعل الإحصاءات والمعلومات سلعة بخدمة النافذين». وخلصت إلى تشبيه القرار بـ«التدبير البوليسي».
واستدعت الشكوى لائحة جوابية من الوزارة التي رأت عدم جواز وقف تنفيذ القرار لكونه «يتعلق بالصحة العامة وخطط النظام والسلامة العامة (…) ويهدف إلى ضبط الدواء المزور والسماح للدولة بتحديد أولوياتها في مجال الدواء ومعرفة كمياته وطريقة توزيعه في المناطق وكيفية التصرف به». كما أن القرار «ليس هدفه الحدّ من حرية الصيادلة، فجلّ ما هو مطلوب من تطبيق نظام المعلوماتية الربط بين حركة الدواء وانتقاله من مستودعات بيع الدواء الى مخازن الصيدليات، ما يعطي الوزارة القدرة على تأمين الدواء للمرضى من خلال معرفتها بشكل مسبق بمخزون الأدوية الموزعة على الصيدليات ومنع احتكارها». وأكدت أن الحفاظ على حرية مهنة الصيدلة لا يعفي الوزارة من واجباتها في مواجهة الظروف الاستثنائية وانهيار قيمة الليرة وعدم قدرة المواطنين على تأمين الدواء، «وباعتبارها سلطة وصاية على كامل القطاع الصحي والدوائي، جاء القرار ليمكّن الحكومة من السيطرة على سوق الدواء ومعرفة المخزون الوطني، ولا سيّما أنه عند حصول نقص في الدواء، تكون الوزارة هي المسؤولة الأولى عن حماية حق المواطن».
واستغربت الوزارة الشكوى انطلاقاً من «أن حضور ممثل عن النقابة للنقاشات التي دارت في كل اللجان». وخلصت إلى أن تتبع مخزون الصيدلي «واجب وطني وأخلاقي وليس عبئاً».
صحيح أن القرار النهائي عن الشورى لم يصدر بعد، وأن ما سرّب هو تقرير كلّف به أحد المستشارين دعا إلى إبطال القرار، إلا أن النقابة تتصرّف على أساس أن القرار آتٍ لمصلحتها، وتهنئ الصيادلة على هذا «الفوز». في المقابل، تقلّل وزارة الصحة من أهمية الأمر باعتبار أن «النقابة تقوم بمعركة وهمية في وجه نظام لم يطبق الوزير أساساً سوى جزء منه يتعلق بالدواء المدعوم». وتتساءل المصادر: «علامَ الاعتراض طالما أن النظام يقف عند هذا الحد؟».