بين قراءة وسماع الكثير من المعلومات عن عقل الإنسان وطرق التفكير، انتشرت أقاويل على مدار سنوات طويلة تزعم أن الإنسان لا يستخدم إلا 10% من قدرات عقله فحسب، فكيف بدأ شيوع تلك المقولة؟
مقولة قديمة
لم يبدأ شيوع ذلك الاعتقاد منذ سنوات قليلة، بل بدأ منذ قرون بعيدة، حيث ظهر في البداية من خلال سوء تفسير نظريات الفيزيائي الفرنسي الشهير، بيير فلورنس، والتي ظهرت في عام 1800، كما تم تدعيمها لاحقا بكلمات اقتبست بالخطأ من العالم البرت أينشتاين.
ما زاد من التأكيد على صدقها، الكلمات الفلسفية التي أطلقها رائد علم النفس الأمريكي، ويليام جيمس، والتي قال فيها نصا: “نحن نستخدم أجزاء بسيطة من قدراتنا الذهنية والحركية”، دون التلميح للمقولة الشهيرة من قريب أو بعيد.
اعتقاد استمر في الشيوع
الغريب هو أن تلك المقولة التي شاعت منذ بدايات القرن التاسع عشر، لم يتوقف انتشارها تماما بمرور الزمن، بل زاد مع وجود مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات الإنترنت، التي تنقل مثل تلك الأقاويل الرنانة، لكسب اهتمام المتابعين.
لذا أصبح الأمر مؤكدا بالنسبة للكثير من الأشخاص، الذين بدأوا لاحقا في تخيل غرابة الأمر، لو كان الانسان بإمكانه أن يستخدم قدرات عقله بصورة كاملة، وهو ما يحدث بالفعل دون أن يعلمون!
الحقيقة
وفقا لعدم وجود أي دليل علمي وطبي، على صدق تلك المقولة، يتبين لدينا أن الإنسان بإمكانه فعليا أن يستخدم قدراته الذهنية بصورة مثلى كما يحلم البعض، حيث تؤكد دراسات علمية عدة على أن مشكلة بسيطة في المخ، من شأنها أن تؤثر بصورة كبرى على عمله، ما يتناقض مع فكرة إمكانية إتمامه لمهامه بنسبة 10% فقط من قدراته.
الأدهى من ذلك هو تأكيدات الأطباء على أن قيام العقل بدوره المطلوب هو أمر مستمر، بحيث لا يتوقف حتى خلال فترات النوم، وسواء طالت تلك الساعات أو قلت.
لذا يتضح في نهاية الأمر، أن الكثيرين من البشر حول العالم، وباختلاف العصور التي ولدوا وعاشوا فيها، قد وقعوا ضحية لمقولة كاذبة واعتقاد سائد، يعد هو الأكثر كذبا وانتشارا بالتاريخ!