تشكّل “كوريدورات” النقل الجديدة التوجّه العالمي المستجدّ في خضمّ الأزمات التي تعصف شرقاً وغرباً إن على الجبهة “الأمنية” أم “الاقتصادية” مروراً بـ”الوبائية” وصولاً إلى جبهة النزوح المستعرة… ويجهد لبنان لركب قطار تلك المشاريع علماً أنه يصعب عليه أن يعود صلة الوصل بين الشرق والغرب “مبتوراً”: لا رئيس جمهورية، لا حكومة فاعلة، لا حاكم مصرف لبنان أصيل، والتخوّف من أن يكون حرف “الواو” معطوفاً على الاستحقاقات المقبلة وفي صلبها موقع قيادة الجيش.
أين لبنان الرسمي اليوم من التحضير للدخول في صلب “كوريدورات” النقل المستحدَثة؟! إذ يُحكى الكثير عن مشاريع استراتيجيّة لا يزال لبنان على هامشها، فيما يحاول وزير الأشغال والعامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حميّة قدر الإمكان، القيام بالمبادرات المطلوبة كي تكون للبنان حصّة في تلك المشاريع الكبرى التي تُرسَم في المنطقة.
رئيس مجلس الإدارة المدير العام للنقل المشترك في وزارة الأشغال العامة والنقل زياد نصر يحذّر عبر “المركزية” أنه “في حال استمرّ لبنان على الوضع الذي هو عليه اليوم، سيصبح العالم أجمع صلة وصل بين الشرق والغرب، فيما يبقى لبنان على الهامش بعدما كان هو صلة الوصل… من هنا، يحاول الوزير حميّة العمل ضمن إمكاناته وقدراته ومستفيداً من علاقاته الخارجية، لوضع لبنان في صميم الخطط الاستراتيجيّة الكبرى التي تُرسَم للمنطقة، من الصين إلى الهند في اتجاه آسيا، ليأخذ حصّته منها وبالتالي يفعّل اقتصاده ويستعيد جزءاً من دوره المفقود”.
ويُشير في السياق إلى أنه “لو أعطى لبنان العناية اللازمة لمشاريع النقل الكبيرة، وحافظ على دوره كموقع أساسي للترانزيت ومنها موضوع النقل السككي، كما لو تسنّى له إعادة إحياء هذا المرفق الحيوي المهم والذي يربط لبنان بالجوار العربي من خلال وصل محطة مرفأ بيروت إلى مرفأ طرابلس في اتجاه العمق السوري وصولاً إلى العراق، لكان وضعه مختلفاً تماماً… لأن هذه المشاريع تحقق دورة اقتصادية كبرى وتعود بالنفع على الاقتصاد الوطني، إن في حركة النقل الداخلية أو في حل أزمة السير أو في حركة الترانزيت لجهة تأمين قدرة استيعابيّة أكبر وحركة مرور أوسع للمرافئ اللبنانية بما يُفيد المرافق العامة أيضاً”.
وعما إذا كانت هناك عراقيل قد تعوق نجاح لبنان في الحصول على موقع أو حصة له في تلك المشاريع، يوضح نصر أن “الدول التي سيكون لها حصّة أو دور في خطوط النقل الجديدة، ستساهم في تلك المشاريع. وعلى سبيل المثال لا الحصر، عندما تقرّر أي دولة فتح خط من الهند في اتجاه الإمارات أو المملكة العربية السعودية مروراً ببعض المرافق الحيوية، فستساهم فيه الدول المعنية… وسنرى كيف ستكون مساهمة لبنان فيها! فالبلاد تعاني من عجز مالي كبير. لذلك قد تكون مساهمتنا من خلال إعطاء بعض الحوافز أو بعض التسهيلات للوصول إلى المرافق العامة اللبنانية كالمرافئ البحرية…
إنها فرصة جديدة للبنان في موازاة الحفر واستكشاف النفط والغاز… فهل يفلح في الأولى بعدما انطلق في الثانية بعد سنوات من هدر الوقت وإضاعة الفرص؟!