يعتبر موضوع التدقيق المالي والجنائي الذي أقرته الحكومة بالاستعانة بشركة Alvarez & Marsalis للتحقيق في حسابات مصرف لبنان، من الملفات المثيرة للجدل مؤخراً، اذ طُرِحَت حوله تساؤلات عدة في شأن خلفياته وأبعاده والى أين سيصل التحقيق، وهل تخضع المسألة للتسييس مستقبلا؟ والسؤال الأبرز هل ينسحب التحقيق المالي على سائر المؤسسات التي تدور حولها شبهات؟
الرهان على وصول التدقيق المالي إلى نتائج إيجابية بنظر الخبراء الماليين قد يكون في غير مكان، ويضيىء هؤلاء على ثغرات وشوائب. فالقرار من الناحية القانونية يتجاهل قانون السرية المصرفية والنقد والتسليف، كما أن السؤال الرئيسي يكمن في وصوله إلى نتيجة، حيث هناك إستحالة في مثول موظفي الفئة الأولى أمام التحقيق واحتمال رفضهم الجواب على أسئلة الشركة، على اعتبار أن هؤلاء الموظفين يُساءَلون أمام القضاء العادي. الأمر الأسوأ في هذا المسار، يتمثل باحتمال الطعن به أمام مجلس شورى الدولة على اعتبار أن التدقيق في الحسابات العامة من مسؤولية ديوان المحاسبة، وان لا سلطة فعلية للحكومة على المصرف المركزي الذي يتمتع مثل سائر المصارف المركزية في كل الدول، باستقلالية تامة.
لا تقتصر نظرية التشكيك على الخبراء الماليين القانونيين فقط. إذ تتسرب من الكواليس السياسية رائحة ما يسمى بالمناورة أو المؤامرة على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بهدف إقالته في إطار تصفية الحسابات الجارية على الساحة، وضرورة تدفيع ثمن الانهيار لأحدٍ ما.
وصف المؤامرة يصحُ ايضاً على اعتبار أن التدقيق في الحسابات المالية للدولة يجب أن يكون شاملاً لكل الموازنات وقطاعات الاتصالات والكهرباء وكل الإدارات والمجالس التي أُثيرَت حولها فضائح أرقام، والشبهة أن يقتصر التحقيق على المصرف المركزي وحده فلا يتم الدخول إلى سائرمزاريب الهدر الأخرى في الدولة.
ثمة من ربط ايضا موقف الحكومة من التدقيق المالي بزيارة وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان، في إطار بادرة تعاون من قبل فرنسا للسير في الإصلاح. ويرى البعض فيها رسالة إلهاء عن الأزمات والانهيار الاقتصادي والمالي من أجل تنفيس الاحتقان، وتنتهي مفاعيلها مع الوقت في حال سقطت حكومة الرئيس حسان دياب بضغط الشارع وإحتمال ارتفاع سعر الدولار بعد حين. ويطرح كثيرون تساؤلات عن موقف وزراء الثنائي الشيعي وردهم على طرح وزير المال غازي وزني في موقف لم يجد تفسيرات منطقية له.
يشكك كثيرون في استمرارية التحقيق ووصوله إلى أي حقيقة، لأن ما يحصل يشبه خطوات أخرى في السابق او لم تحقق نتائج. وليس هناك إجماع داخلي على هذا القرار، وعلى اعتبار أن السلطة تسير ضد محاكمة نفسها. مع ذلك يؤكد الخبراء في التدقيق المالي الجنائي أن فتح التحقيق في مصرف لبنان اذا لم تحصل ضغوط تعيقه، سيتبعه تدقيق في مؤسسات وإدارات ومجالس اخرى، وبالتالي مع الوقت ستظهر حقائق خطيرة، والتدقيق سيدخل في التفاصيل الصغيرة ويحدد مسارات إهدار المال على طريقة من دفع ومن قبض وغيرهأ من المسائل الدقيقة.
المصدر: ليبانون فايلز