هل يكون الحلّ بحلّ المركزي؟

على صعيد الورقة الحكومية في شقّها التقني، يوضح الخبير الاقتصادي باتريك مارديني في حديث مع “نداء الوطن”، انّ “الخطة في جزئها المالي، تسعى الى اقتطاع 62% من ديون الدولة. هذه الاموال هي أموال الناس المودعة في المصارف، كما وتهدف الخطة الى زيادة الضرائب في حين يبقى ملف الكهرباء والاتصالات كما المياه واستراتيجية السدود كما هي ومن دون أي معالجة”.

ويضيف مارديني “بحسب الخطة المقترحة، لا مهرب من الـhaircut لكن ذلك سيترافق مع استمرار بزيادة المصاريف ما ينذر بالعودة الى تكديس الدين العام، وبهذه الطريقة يكون المودعون قد خسروا الجزء الاكبر من أموالهم لكن من دون أي جدوى. أما في موضوع النفقات،لا سيّما تلك المرتبطة بالقطاعات الخدماتية ذات الطابع التجاريّ التي تملكها الدولة، فقد آن الأوان لنقل هذه المصاريف التشغيليّة من عاتق الدولة الى القطاع الخاص. فالخسائر الاكبر متأتية من القطاع العام، وذلك يعني ان عليه تحمل جزء منها بدلاً من تحميلها الى المودعين.

وفقاً لمارديني، “يجب من حيث المبدأ تعويم سعر الصرف. لكن في وضع لبنان الحالي، وفي ظل عدم استقلالية البنك المركزي لا يعتبر قرار التعويم صائباً. لذا، يمكن خفض سعر الصرف على اساس سنوي على ان يترافق ذلك مع الغاء مصرف لبنان واستبداله بمجلس نقد currency board لا يحظى بسلطة تمويل الدولة كما ولا يملك صلاحية طبع الليرة الا اذا امتلك احتياطياً بالعملات الاجنبية. فالتعويم في ظل وجود سياسة مالية-نقدية غير مستقلة، سيؤدي الى خفض متواصل لسعر الصرف.

الى ذلك، لا تحدد الخطة الفئة التي سيشملها الهيركات. حُكي ان الاقتطاع سيطال الودائع التي تتخطى قيمتها الـ 500 ألف دولار. وهنا أودّ الاشارة الى أنه لو لم يتحمل القطاع المصرفي النتائج التمويلية للقطاع العام لتمكن من امتصاص خسائر الـ 12 مليار دولار الناجمة عن قروض القطاع الخاص المشكوك بتحصيلها. لكن مع تمويله خسائر الدولة، البالغة 70 مليار دولار (خسائر مصرف لبنان والمالية العامة) فهو بالتأكيد سيقف عاجزاً”.

ويقول مارديني: “صحيح أن لا مهرب من إعادة رسملة المصارف لكن وبموازاة ذلك، على كل من استفاد من الهندسات المالية ان يخضع لهيركات على الفوائد. في الواقع، تتطرّق الحكومة الى تشكيل لجنة لاعادة هيكلة المصارف عن طريق دمج قسري وهذه المسألة خطيرة وتطرح امكانية ضخّ سيولة من قِبل المركزي الى المصارف “المدعومة” لشراء تلك غير المدعومة. في هذا السياق، أودّ الاشارة الى ان فكرة اعادة هيكلة القطاع المصرفي غريبة خصوصاً وان الدولة هي المسؤول الاول عن هذه الخسائر”.

بالارتكاز الى مؤتمر الامس، وحالة التخبّط والضياع في الارقام، يبدو أن الحكومة قد بنت خطّتها المالية والاقتصادية للنهوض، على بيانات مبهمة وغير دقيقة(ما يُفسّر تبدّل الارقام الشاسع بين المسودة الاولى والثانية وفي غضون أسبوع واحد). بذلك تبقى القابلية التطبيقية للخطة غير واضحة الا في ما خص اعادة الهيكلة للنظام المصرفي ليس لما فيه خير القطاع والاقتصاد بل لمآرب وأجندات انتقاميّة خاصة.

مصدرايفون أنور صعيبي - "نداء الوطن"
المادة السابقةاقتراحات الهيئات الاقتصادية: للانخراط في برنامج صندوق النقد الدولي
المقالة القادمةالحليب المحلّي… بالدولار