هل يكون 2021 عام الأسهم الأميركية الصغيرة؟

شهدت أسواق الأسهم الأميركية موجات تذبذب خلال العام الجاري نتيجة تفشي وباء كوفيد-19، وتحولاً في تركيز المستثمرين على قطاعات محددة رهاناً على مكاسبها المتوقع تحقيقها بفضل الوباء، بينما تصدرت أسهم قطاع التقنية التي كانت محرك السوق ولا تزال، قائمة الرابحين.

فقد ارتفع مؤشر ناسداك الذي تشكل شركات التقنية عموده الفقري بنسبة 20% منذ بداية العام، وارتفع مؤشر”إس أند بي 500″ الذي يضم شركات متميزة من حيث قيمتها السوقية بنسبة 4% بزخم مجموعة عمالقة التقنية، أما مؤشر “راسل 2000” المثقل بأسهم الشركات الصغيرة فقد هبط بنسبة 8%.

ويعتقد بعض المحللين الاستراتيجيين أن عام 2021 قد يكون هو الوقت المناسب للأسهم الصغيرة ذات الأداء المتميز للتفوق على أسهم عمالقة التقنية، وفقا لما نقلته صحيفة “الخليج”.

وتلقت أسهم الشركات الصغيرة الضربة هذا العام باعتبارها أكثر تعرضاً لاقتصاد الولايات المتحدة مقارنة مع أسهم الشركات الناشطة في الأسواق الخارجية، حيث تعيش أمريكا في خضم ركود بينما تواجه موجة ثانية محتملة من “كوفيد-19″، وفي الوقت نفسه، تستفيد عمالقة التقنية متعددة الجنسيات وعلى رأسها “أبل”، و”أمازون”، و”ألفابيت” و”مايكروسوفت”، و”فيسبوك”، من الانتعاش الناشئ في الخارج مع تجاوز بعض دول أوروبا، وآسيا، أسوأ تبعات تفشي الوباء.

انتعاش مؤقت
لكن هذا الانتعاش في قطاع التقنية مؤقت ولن يستمر إلى الأبد، يقول دان بيبيتون، الشريك المؤسس لشركة “تريد زيرو أميريكا”، وهي منصة تداول فردي الكترونية على غرار منصة “روبين هود”: “كانت الفترة التي شهدناها في أداء الشركات الكبيرة وعمالقة التقنية طويلة جداً، ولابد أن يتحول المستثمرون إلى الشركات الصغيرة”.

وأضاف أن الانتخابات تعتبر تقليدياً حافزاً ديناميكياً لهذا التحول الذي قد يكون أكثر وضوحاً هذا العام، فالشركات الصغيرة تنتعش في سنوات ما بعد الانتخابات، وغالباً ما يكون أداء الشركات ذات القيمة السوقية الصغيرة جيداً بعد الانتخابات الرئاسية، حيث ينصب التركيز على القضايا المحلية. فبعد انتهاء السباق السياسي وجولات الجدل والمنافسات الانتخابية، يستقر موقف كل من الرئيس، والكونجرس، على الأولويات ليبدأ العمل الفعلي.

زخم كبير متوقع
ويفيد بحث أعده سكوت كرونيرت، المحلل الاستراتيجي لدى مجموعة “سيتي بانك” أن متوسط ​​العائد على مؤشر “راسل 2000” بلغ 15% في العام الذي أعقب الانتخابات منذ دورة عام 1980 حتى الآن، وهذا أفضل بنحو 4 نقاط مئوية، في المتوسط ​، من أداء أسهم الشركات الكبيرة، وإذا مر الاقتراع هذا العام من دون منغصات وفاز المرشح الديمقراطي، جو بايدن، فقد تحصل الشركات الصغيرة بشكل خاص على زخم كبير. ومرد ذلك حسب “سيتي بانك” إلى أنه غالباً ما يتراجع الاقتصاد في عام الانتخابات، ما يعني أن الرئيس الجديد يحتاج إلى التركيز على إصلاح الخلل، وتعويض الفاقد.

وجاء في تقرير كرونيرت الذي صدر أواخر الشهر الماضي: “منذ 1980، تناوب الحزبان الفوز في أربع انتخابات على خلفية مشاكل تنتاب الاقتصاد، أو مرتبطة بظروف الركود”.

ومع أخذ ذلك في الاعتبار، يعتقد كرونيرت أن الرئيس – سواء كان بايدن أو ترامب في فترة ولاية ثانية – سيحتاج إلى إعطاء الأولوية لقضايا مثل السياسات الضريبية والتجارية، وإصلاح الرعاية الصحية، والرقابة على شركات التقنية الكبرى لإعادة الاقتصاد الأمريكي إلى المسار الصحيح.

تعدد التوقعات
ويتوقع خبراء آخرون أيضاً انتعاش الشركات الصغيرة في عام 2021.

ويقول تود لوينشتاين، العضو المنتدب والمدير التنفيذي المسؤول عن استراتيجية الأسهم في “يونيون بانك”: “من المؤكد أن الشركات الصغيرة يمكن أن تحقق أداءً أفضل في العام المقبل. لقد تأخر أداؤها كثيرا في مقابل أداء الأسهم القيادية، وفي ظروف الانتعاش غالباً ما تكون القيادة للشركات الصغيرة”.

وعلى افتراض أن أداء الاقتصاد بقي ضعيفاً بعد نوفمبر/ تشرين الثاني، والذي يبدو كأنه مؤكد، فإن لوينشتاين يعرب عن تفاؤل حذر بشأن تعاون الديمقراطيين والجمهوريين، معاً، حول منح المزيد من أموال التحفيز. ويقول: “لا بد أن تكون الشركات الصغيرة أول المستفيدين بعد الانتخابات. ولا بد أن يضمن دعم الاقتصاد المحلي فوزاً سهلاً لها ويوفر أرضية مشتركة للتعاون بين الحزبين”.

لكن الحقيقة تقول إن التنظير سهل في ما يتعلق بتوقعات المستقبل، بينما يقول الواقع شيئاً آخر ربما تعكسه حالة التوتر السياسي الداخلي.
انتقائية

وقد يكون المستثمرون انتقائيين في اختيار اسهم الشركات الصغيرة. فهناك مجموعة منها تشكل مصدر قلق كبير في الأسواق، وقد لا تتمكن العديد من شركات الشريحة الأضعف – تلك التي لديها الكثير من الديون – من التكيف مع المستجدات، حتى في حال انتعاش الاقتصاد.

وتقول جوديث لو، الرئيس التنفيذي لشركة “بلو زون ويلث أدفايزرز” لإدارة الأصول: “يمكن للشركات الصغيرة أن تنشط بقوة بعد الانتخابات، لكن عالم الشركات الأصغر حجماً قد تقلص. فالسوق يقضي على الشركات الصغيرة والمتوسطة الآن بسبب كوفيد-19، خاصة تلك الشريحة من الشركات التي ليس لديها ميزانيات قوية بما يكفي تمكنها من الصمود”.

من هنا، قد يحتاج المستثمرون إلى اختيار حيازاتهم وتحديدها بحكمة. فالشركات الصغيرة لا تعمل كلها بالمستوى نفسه من الأداء الجيد. وتعتقد جوديث لو أن اللغز يكمن في البحث عن الشركات التي لديها تقييمات جذابة – أي تلك التي تتداول بأسعار مخفضة مقارنة مع أسهم عمالقة التقنية، وقد تستمر أسهم شريحة «النمو» أيضاً في التفوق على أسهم شريحة “القيمة”.

تقول جوان فيني، مديرة المحافظ في شركة “أدفيزورز كابيتال مانجمنت”: “طالما أن أسعار الفائدة منخفضة للغاية ومن المرجح أن تستمر على انخفاضها، فالمستفيد هو أسهم «النمو» أي الشركات الصغيرة، وتنصح فيني المستثمرين بالبحث عن الشركات سريعة النمو التي لديها أعمال مماثلة للشركات الأكبر والأكثر شهرة.

وعلى سبيل المثال، تمتلك شركتها حصة في شركة “ستونكو” البرازيلية المتخصصة في خدمات الدفع مثل “باي بال”، وأخرى في شركة “زيبرا” المتخصصة في تقنيات قراءة الباركود التي تستخدمها “أمازون” رهاناً على الاستفادة من نمو أنشطة الأخيرة في التجارة الإلكترونية.

أما بيبيتون فيركز على شركات التقنية الحيوية رهاناً على نجاح اللقاحات حيث تسجل أسهم شركات هذه التقنية نمواً بفضل الطلب القوي من تجار التجزئة.

مصدرالعربية
المادة السابقةالتأخير في فتح الاعتمادات سبب الشح في كميات المحروقات بالسوق
المقالة القادمةتوصية للجنة “كورونا” الحكومية بالإقفال التام لمدة أسبوعين