تنكب واشنطن راهنا بالتعاون، والتنسيق مع “تل أبيب”، على ملاحقة اي مصادر قد تؤدي لرفد حركة حماس بالاموال داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة. ولهذه الغاية يجول نائب مساعد وزير الخزانة لشؤون آسيا والشرق الأوسط في مكتب تمويل الإرهاب والجرائم المالية، جيسي بيكر على عدد من دول المنطقة وبينها لبنان، حيث التقى مع سياسيين لبنانيين ومسؤولين من القطاع المالي الأسبوع الماضي.
وبحسب المعلومات تركزت الزيارة على الضغط على لبنان لوقف عمل شركات تحويل الاموال غير المشروعة، والتي تخشى واشنطن ان تكون تساهم بطريقة او بأخرى بتمويل حزب الله من ايران، كما حماس عبر دولة ثالثة.
وتشير المعلومات الى ان الضغط تركز على وجوب اتخاذ “إجراءات استباقية” للتصدي لهذا المسار، سواء عبر مؤسسات الدولة المالية اي عبر مصرف لبنان، او من خلال المجلس النيابي من خلال سن عدد من القوانين التي تساهم بمكافحة هذه العمليات، لذلك كانت لقاءات المسؤول الاميركي مع عدد من النواب القريبين من الجو الاميركي.
وكشفت مصادر مطلعة على المداولات ان المسؤول بالخزانة مارس سياسة العصا والجزرة، بحيث ربط التجاوب مع الطلبات الاميركية بعودة تدفق الاستثمارات الى لبنان. ولم تستبعد المصادر ان يكون التقرير الذي صدر عن منصة “بلومبرغ” العالمية عن إحتلال الليرة اللبنانية صدارة قائمة العملات الأسوأ أداء هذا العام، في اطار الضغوط التي تمارس على لبنان، باعتبار ان سعر صرف الليرة اللبنانية يشهد استقرارا مقابل الدولار منذ نحو عام، فيما عملات اخرى شهدت تراجعا كبيرا في الاشهر الماضية، وبالتالي بدا مستغربا وضع لبنان في صدارة هذه اللائحة.
وتعتبر واشنطن ان ازدهار الاقتصاد النقدي، والذي وصل لحدود 46٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبنان، بحسب البنك الدولي، كما ازدهار الخدمات المالية غير المشروعة، بما في ذلك الصرافة غير القانونية وعمليات تحويل الأموال غير المرخصة، جراء الازمة المالية التي يرزح تحتها لبنان منذ العام 2019، يسهل عمل المجموعات المحظورة من النظام المالي الرسمي، لذلك تراها تمارس كافة انواع الرقابة والضغوط ،لمنع استفادة الجماعات التي تصنفها ارهابية منها.
وكانت الولايات المتحدة الاميركية فرضت العام الماضي عقوبات على شركات صيرفة لبنانية، اعتبرت انها تسهل الانشطة المالية لحزب الله. وقبلها استهدفت العقوبات الأميركية أفراداً وشركات قالت انها تدير الجهاز المالي لحزب الله في جميع أنحاء لبنان، بما فيها مؤسسة “القرض الحسن”.
وفيما لم يصدر عن السفارة الاميركية في بيروت اي بيان بخصوص زيارة وفد الخزانة الاميركية، بدت معظم الاطراف التي التقاها المسؤول الاميركي متجاوبة جدا معه. وقال الباحث الاقتصادي والمالي الدكتور محمود جباعي، ان اللقاء بين حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري والوفد المالي الاميركي كان ايجابياً جدا، لافتا لـ “الديار” الى ان “العنوان التي تظهر اميركيا للزيارة كان تمويل حماس، لكنه عنوان لزيارة يقوم بها الوفد في المنطقة وليس مرتبطا فقط بلبنان”، مضيفا: “هم يعتبرون ان لبنان صديقاً ومنضبطاً مالياً، كما ان الاميركيين يثيرون مسألة التحويلات المالية في المنطقة لتمويل حماس، وهو ما لا يمكن ان يكون من لبنان، بإعتبار ان لا امكانية اساساً لاي تحويلات مالية الى فلسطين المحتلة”.
وأكد جباعي ان “الخزانة الاميركية راضية جدا عن آداء حاكم مصرف لبنان بالانابة والمصرف المركزي، وتعتبر انه يقوم بعرض ميزانياته وفقا لشفافية مالية عالية تراعي الاصول المالية الدولية، خاصة بعد وقفه تمويل الدولة في المرحلة الاخيرة، ما لاقى رضا واسعا لدى الخزانة الاميركية ولدى المجتمع المالي الدولي”.