يتوالى إنهيار القطاعات الحيوية في لبنان والتي شكّلت مِدماكاً للإقتصاد على مدى سنوات، وليس آخرها قطاع الاتصالات. وناشد رئيس هيئة “أوجيرو” عماد كريدية عبر “ليبانون ديبايت” المعنيين لإيجاد حلّ قبل أن ندخل في المحظور. وحذّر من أنّ “لبنان مُهدّد بالانقطاع التام في الإنترنت وعزله عن دول العالم خلال العشرة الأيام المقبلة، إذا لم توزع المنشآت النفطية المازوت لشركات الإتصال الثلاثة ”أوجيرو”، و”ألفا” و”تاتش”، مؤكّدًا أنّ “هذه الشركات غير قادرة على تأمين الدولار لشراء المازوت وتشغيل محطّاتها”.
وأوضح أنّ “هذه الشركات كانت تشتري في السابق المازوت من المنشآت النفطية بالليرة اللبنانية، وبموجب قرار أصدره وزير الطاقة فرض إستيفاء ثمن المازوت بالدولار الأميركي. ونحن كمؤسسة عامة موازناتنا بالليرة اللبنانية ولا نتعامل بالدولار وليس بإمكاننا تأمينه”. وسأل: “إذا لجأنا للقطاع الخاص لشراء مادة المازوت، فعلى أيْ سعر صرف سنحصل عليه؟.. هذا الكلام قاله أيضًا رئيس لجنة الإتصالات بإجتماع اللجنة المُنعقد يوم الثلاثاء الماضي”.
أضاف: “لقد أخذنا موافقة وزير الطاقة بأن ندفع ثمن المازوت بالليرة اللبنانية لمدة عشرة أيام فقط. ولكن ماذا نفعل إذا لم يُتَّخَذ قرار بمكانٍ ما لتأمين دولار لشركات الإتصالات الثلاثة مجتمعةً لنتمكن من دفع ثمن المازوت للمنشآت بالدولاربعدها؟. قبل ذلك أسعفنا الجيش ومدَّنا بالمازوت لمدة ثلاثة أيام”.
وبحسب كريدية لا يُمكن تحميل مسؤولية عن هذه الأزمة للقيّمين على القطاع من مدراء لأن القرار ليس بيدهم. وقال: “ليس من مهامنا أن نقوم بتشغيل المولدات الكهربائية إلا في حالات الطوارىء، وما نعيشه اليوم لم يعد حالة طارئة إنما هي حالة مستمرَّة نعاني منها منذ بداية أزمة الكهرباء. ونحن نقوم بأقصى جهودنا لتأمين الإتصالات لكن في النهاية فاقد الشيء لا يعطيه”. واعتبر أنه يجب على “المسؤولين والقيِّمين على قرارات الدولة إتخاذ القرار وعدم تركه لمدراء شركات الإتصالات. فنحن نشعر بأننا متروكون لوحدنا في هذه المعمعة”.
وعمّا إذا كان القطاع مُستهدف؟ إستبعد كريدية ذلك، وقال: “قطاع الاتصالات لا يمسّ أناس دون سواهم. فهو حاجة لكل مكونات الشعب اللبناني (مدارس، مستشفيات، مصارف، مؤسسات أمنية، جامعات، تلفزيونات، إذاعات …). لا يمكننا العيش من دون تواصل، وهو المتنفُّس الوحيد للشعب اللبناني. ومن يسعى لإستهدافه يساهم في تدمير البلد. ونحن لن نقف شهود زور، لذا أنا حذّرت منذ 6 أشهر من ذلك واتَّهمني البعض بالتهويل، لكننا كنا نرى أننا نتَّجه نحو الوقوع في مأزق”.
وإستهجن كريدية قائلًا: “هل من مسؤولية قطاع الإتصالات تأمين الكهرباء؟ بالطبع كلا – نحن مسؤوليتنا هي تأمين الإتصالات”. وحذّر من أنه “إذا لم يتم تدارك هذه الأزمة بالسرعة والجدّية اللازمتين، فنحن أمام مشكلة كبيرة جداً. وقد تختلف المشكلة عند شركة أوجيرو عن شركتيّ الإتصالات الأخريين، لأن إعتماداتنا صرفت بأكملها على شراء مادة المازوت في ظل تقلُّب سعره وإرتفاعه وفي غياب الإعتمادات، حتى أنه لم يعد بإمكاننا القيام بأعمال الصيانة اللازمة”.
وعن إمكانية إستثناء “أوجيرو” من مسألة الدفع بالدولار؟، قال: “أنا لا أعرف كيف تسلِّم المنشآت الجيش والقوى الأمنية بالليرة اللبنانية، هم لديهم إمتياز ولا أريد أن أظلمهم، إلا أنّ هذا الأمر يجب أن يسري على قطاع الإتصالات لأنه جزء من الأمن القومي ويجب أن يتم التعاطي معه بالمساواة”. ووجّه كريدية نداءً إلى المعنيين لـ” استثناء أوجيرو أيضا من الدفع بالدولار. فنحن لسنا هواة قطع خدمة عن الناس ولا نريد للإتصالات وخدمة الإنترنت أن تتوقف ولا لحظة. لا مصلحة لنا أن تتوقف هذه الخدمات ونحن نعمل لتأمين مصلحة الناس بأن نُحافِظ على ما تبقَّى من الدورة الإقتصادية في البلد. ولا يجب أن نُترَك لوحدنا”.
وأشار إلى “وجود مشكلة حقيقية فمولداتنا تعمل لمدة 22 ساعة من أصل 24 ساعة في حين أنها يجب أن تعمل لمدة 4 أو 5 ساعات فقط يومياً منذ خمسة أو ستة أشهر. فإلى متى يمكننا أن نصمد؟.. هذه مشكلتنا الأساسية ونحن لا نطلق النار على أحد إنَّما نُناشِد المعنيين لأن هذا الموضوع أساسي ولا يُمكِن إهماله أو تركه بهذا الشكل”.
وعن رفع تعرفة الإتصالات وخدمة الإنترنت، أوضح كريدية أنه “قبل فرض أي تعديل على الأسعار يقتضي الإستحصال على موافقة مجلس الوزراء. والأمر ليس بيد هيئة أوجيرو ولا أي أحد آخر. ووزير الطاقة لم يتقدَّم بمشروع مرسوم لمجلس الوزراء للإستحصال على موافقة. ومنطقياً، لا يمكننا بيع خدمتنا بخسارة – فشركات الإتصالات تخسر اليوم – لأنها تسدّد مصاريفها بالدولار ونحن نقبض بالليرة اللبنانية. إلى متى يمكننا الإستمرار هكذا؟ هذا الأمر سيؤدي إلى عدم إنسجام بين الكلفة وسعر المبيع ما ينعكس سلباً على نوعية الخدمة”.