وزير الماليّة: سلامة يكذب بشأن التدقيق الجنائي

الخلاف العلني بين وزارة المالية وحاكم مصرف لبنان بشأن التدقيق الجنائي لا يعني سوى المزيد من العرقلة لملف كلما تقدم الوقت ازداد تعقيداً. يخرج رياض سلامة ببيان يؤكد فيه قرار المجلس المركزي لمصرف لبنان التعاون مع شركة التدقيق، ثم يُمرّر إشارة إلى أنه سلّم كل حسابات المصرف المركزي في 13 تشرين الأول الماضي.

وفيما تفترض مصادر متابعة أن بيان سلامة كان بمثابة رد على موقف رئيس الجمهورية الذي تحدّث أول من أمس (في مقابلة مع الزميل آدم شمس الدين نُشرت على موقع «الجديد») عن مماطلة تحول دون انطلاق التدقيق الجنائي، إلا أن ذلك لم يمنع أن يُستفز وزير المالية غازي وزني، الذي يدرك أن مضمون البيان لا يختلف عن مضمون الكتاب الأخير الذي وصله من مصرف لبنان. ولذلك، أصدر وزني بياناً، عبر «تويتر»، يُكذّب فيه كلام سلامة، جازماً أن ما سلّمه في ذلك التاريخ لم يكن سوى جزء يسير من المعلومات التي طلبتها شركة «ألفاريز أند مارسال» المكلّفة التدقيق في حسابات المصرف المركزي.

كل ما سبق يعني ببساطة أن فترة الانتظار الطويلة قد تنتهي برفض الشركة استكمال عملها، ما يحتّم بالتالي البحث عن شركة جديدة تتولى المهمة، وبالتالي الحاجة إلى أشهر إضافية.
بالنتيجة، لم يكن البيان الذي أصدره حاكم مصرف لبنان، والرد الذي أصدره وزير المالية، سوى استكمال للخلاف «الرسمي» الذي كان قد انطلق عقب الكتاب الذي أرسله حاكم مصرف لبنان إلى وزير المالية، وكتاب الرد الذي أرسله غازي وزني إلى رياض سلامة.

ففي 24 آذار الماضي، وعقب جلسة المجلس المركزي للمصرف، راسل سلامة وزير المالية، ليبلغه أن المجلس المركزي اتخذ قراراً ثانياً بشأن التعاون مع شركة التدقيق الجنائي «ألفاريز أند مارسال» (القرار الأول صدر في 10 شباط الماضي)، يؤكد فيه التزام المصرف التعاون مع الشركة ووضع الحسابات التي لها علاقة بكامل حسابات الدولة وحسابات المصارف بتصرف وزير المالية.

وأشار المصرف في كتابه إلى أنه سلّم كلّ الحسابات العائدة له، بتاريخ 13 تشرين الأول 2020 إلى وزير المالية، بواسطة مفوض الحكومة لدى مصرف لبنان. وأكد أنه «على أتمّ الاستعداد لتأمين كل التسهيلات التي تؤمن للشركة المعنية البدء بعملية التدقيق». ولهذه الغاية، «يرى المجلس المركزي أن من الأنسب وضع حاسوب مستقل تحت تصرف الشركة تنزّل عليه المعلومات كافة المطلوبة من الأخيرة».

كتاب مصرف لبنان وصل إلى وزارة المالية بعد خمسة أيام من إصداره، أي في 29 آذار، وقد ردّ وزير المالية عليه، أمس، مؤكداً ما جاء في بيانه عبر «تويتر»، لناحية رفضه إشارة المصرف إلى أنه سلّم حساباته كاملة. فقد أوضح وزني أن ما سلّمه مصرف لبنان ورقياً إلى وزارة المالية «هو ليس حسابات عائدة لمصرف لبنان، وإنما هي عبارة عن مستندات ومعلومات مطلوبة من شركة «ألفاريز أند مارسال» في قائمة المعلومات (Information Request List)». وذكّر بأن هذه المعلومات «لم تكن وفقاً لتقييم الشركة كافية حتى للبدء بعملية التدقيق الجنائي، كما أن عدم كفاية المستندات دفعها إلى إنهاء العقد الموقّع مع الوزارة بتاريخ 20 تشرين الثاني 2020». وعليه، فقد أكد وزني أن ما سُلّم لوزارة المالية من معلومات لا يشكل إلا جزءاً متواضعاً من المعلومات المطلوبة بموجب قائمة المعلومات التي تضمّنت طلب معلومات حول: الحسابات، المعلومات والأنظمة المحاسبية، هيكلة المصرف وعمله التنظيمي، قواعد الحوكمة والمراقبة المعتمدة لديه، البنية التحتية لتكنولوجيا جمع المعلومات، وكذلك المعدات الإلكترونية لدى المصرف.

وذكّر وزني بكتاب أرسله سلامة إلى الوزارة في 14 تشرين الأول 2020 يؤكد فيه صراحة أنه تم إيداع 42 في المئة من المستندات المطلوبة وأن الباقي يتعارض تسليمه أو إفشاء المعلومات المتعلقة به مع القوانين المرعية الإجراء، وأنه لا يمكن الإجابة عن البعض منها لارتباطها بطلب الشركة الوجود في حرم المصرف، وهو ما كان قد رفضه المصرف رفضاًَ قاطعاً.

ماذا بعد هذا النقاش الحادّ بين وزارة المالية ومصرف لبنان؟ الجولة المقبلة ستكون في الاجتماع الافتراضي الذي سيعقده الطرفان مع شركة «ألفاريز أند مارسال»، والذي أكّدا أهميته. فهل يكون الانطلاقة الفعلية للتدقيق الجنائي أم يكون جولة جديدة نحو مزيد من التعطيل؟

مصدرجريدة الأخبار - إيلي الفرزلي
المادة السابقةجريمة تطيير الـ«كابيتال كونترول»: «تهريب» أكثر من 7 مليارات دولار
المقالة القادمةالكهرباء أمام خيارين… صندوق النقد أو الظلام