“مطلوب خفض سعر صرف الدولار ولجم صعوده على وجه السرعة”، هذا هو عنوان الاجتماع الذي دعا إليه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وحضره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووزير المالية يوسف خليل، في السراي الحكومي أمس، والمطلوب أيضاً وقف اضراب المصارف لئلا تتطور أعمال عنف كالتي حصلت أمس بإحراق واجهات عدد من المصارف، وصولاً إلى إحراق مداخل منزل رئيس جمعية المصارف سليم صفير في سن الفيل… إلى مواجهات دامية قد يتعذر تدارك تداعياتها الميدانية.
وإذ وصفت مصادر واسعة الاطلاع الوعود التي قطعها ميقاتي خلال الاجتماع، لناحية العمل على خفض سعر صرف الدولار في السوق الموازية واتخاذ خطوات تطمئن البنوك، بأنها مجرد “كلام بكلام وسراب بسراب”.
وبموازاة وضع المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش يده على الملف القضائي لحاكم المصرف المركزي، وتحديد القاضية أماني سلامة من جهة أخرى 16 آذار موعداً لجلسة استجواب الحاكم وأعضاء مجلس المركزي، علمت “نداء الوطن” أنّ سلامة أكد للمجتمعين في السراي أمس أنّ “مصرف لبنان لم يعد يستطيع منفرداً التأثير في سعر الصرف إذا لم تواكبه سلسلة إجراءات حكومية”.
ومن التطورات الأخيرة لمشهدية الأزمة المركّبة وتعقيداتها المتشعبة والمتمدّدة في مختلف الاتجاهات، يبدو أن جلسة الضرورة التشريعية لم تعد قائمة في المدى المنظور، بعدما تأكد أن “التيار الوطني الحر” حزم أمر عدم مشاركة نوابه فيها، ما يعني بالتالي تأجيل إقرار مشروع قانون الكابيتال كونترول، على أن يصار في المقابل إلى تقديم وعود سياسية للمصارف تثنيها عن الاستمرار في الإضراب.
وفي هذا السياق، تجري في الكواليس السياسية العابرة لمعظم الأحزاب والتيارات مقترحات تتقاطع في معظمها عند الاستجابة لمطالب المصارف في تحميل الدولة جزءاً أساسياً من الخسائر، بحيث عُلم أنّ جمعية المصارف تلقت من جهات سياسية أساسية إشارات أكيدة في هذا الاتجاه. فبما أنّ ما تطلبه المصارف لجهة التدخل في عمل القضاء ليس ممكناً بالشكل الفجّ الذي تريده، يبقى لدى المعنيين “مفاتيح” قادرة على تخفيف القبضة القضائية عن المصارف إلى حين، مع التركيز في هذا المجال على إمكانية اتجاه “التيار الوطني الحر” نحو لجم اندفاعة القاضية غادة عون والإسهام تالياً في عدم تأجيج الأوضاع المصرفية والمالية أكثر في البلد.
وتزامناً، أضاءت مصادر مالية على مسألة “غض الحكومة (عبر وزارة المال) النظر عن تلاعب جديد في ميزانية مصرف لبنان، وهو ما تمثل بتسجيل قرض بأكثر من 16 مليار دولار على الدولة (بسعر 15 ألف ليرة)، وهو قرض مختلف عليه منذ أكثر من 15 سنة وأساسه أنّ الحكومة اشترت ذلك المبلغ من مصرف لبنان مقابل ليرات منحته إياها، فاذا به اليوم يفتّش في دفاتره القديمة ويعيد تسجيل ذلك المبلغ تحت مرأى ومسمع رئيس الحكومة ووزير ماليته”، كما توقفت المصادر المالية المعنية بتوقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي أمام المساعي التي يقوم بها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب (بتشجيع من “التيار الوطني” ورئيس المجلس النيابي نبيه بري) لتعديل الاتفاق مع صندوق النقد، الأمر الذي أثار حفيظة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، سيّما وأنّ ميقاتي يجاري برّي في هذا الأمر، علماً بأن التعديلات المطلوبة ترمي إلى تحميل الدولة جزءاً من رد الودائع لكبار المودعين”.
لكن وبحسب معلومات “نداء الوطن”، فإنّ مسعى بوصعب اصطدم بكلام مباشر من صندوق النقد لجهة التشديد على أنّ “أي تعديل للاتفاق يتطلب تقديم الحكومة اللبنانية طلباً رسمياً بذلك”، مع الإشارة في الوقت عينه إلى أنّ الموافقة على أي تعديل جوهري على مضمون الاتفاق “غير أكيدة” لا بل قد يعيد ذلك عملية التفاوض إلى مربعها الأول مع ما يمكن أن ينتج عنه من فرض “شروط إضافية أصعب على لبنان”.