وفد روسي في بيروت يحمل عروضاً بمجالات الطاقة والكهرباء

عمليّاً، ثابر الروس في «الوقت الضائع» على دراسة الواقع اللبناني جيّداً. حتى إنّ أجهزتهم الأمنية والدبلوماسية كانت ترصد المخطّط الأميركي لتفجير البلاد وعلامات انهيار الاقتصاد والدولة. كما رصدوا حركة القوى اللبنانية، السياسية والعسكرية، وحتى تلك التي تحمل راية «المجتمع المدني» وارتباطاتها الخارجية، وسلوك المصارف وملفّات الفساد وعلاقات القوى بعضها مع بعض، وصولاً إلى تأثير الأحزاب والجمعيات في المناطق وقدرتها على التجييش، والتخريب، أو المساهمة في الاستقرار.

مصادر روسية معنيّة بالملفّ اللبناني: «سنعمل في لبنان. سنحاول بالتفاهم مع الأميركيين، أو بالقضم، وإمّا بالمواجهة معهم. لأنه لا يمكن ترك لبنان للانحلال وتهديد كلّ المنطقة، ولبنان بوابة اقتصادية مهمّة وعنصر مهم جداً في الاستقرار وإعادة إعمار سوريا. روسيا ولبنان لديهما مصالح مشتركة، وعلينا أن نؤمّن مصالح دولتنا والدول والشعوب الصديقة، شاء الأميركيون أم أبوا».

لا تخرج زيارة الوفد الروسي إلى بيروت أمس عن سياق هذه الرؤية. ضمّ الوفد ممثلين عن شركة «Hydro engineering and construction »، هم المدير العام أندريا متسغر، مدير الاستثمارات الخارجيّة فلاديمير أوساتدشي، وخبير المرافئ قسطنطين سالومخين، وهي شركة مدعومة من الحكومة الروسية وتحظى بغطاء رسمي للعمل على الأراضي اللبنانية.

طرح الوفد عدّة أمور، كلّها تعدّ حاجة ماسّة للبنان. فركّز على بناء مصفاة محليّة لتكرير النفط في الزهراني، وسلّم غجر نسخةً عن المخطط، مع تأكيد أن هذا المخطّط يصلح أيضاً لتوسيعه في جزءٍ آخر، ليشمل بناء مصفاة إقليمية في البداوي تضع لبنان على خارطة تكرير النفط وتأمين حاجة محليّة ودولية.

المشروع الثاني الذي عرضه الوفد الروسي يتضمّن إنشاء معملي كهرباء من أصل ثلاثة أقرّتها الحكومة اللبنانية، من دون أن يحسم الروس مكانها الجغرافي. أما المشروع الثالث فيتضمن شقّين: الأول ترميم مرفأ بيروت وتوسيعه بما يعيد إليه حيويته ودوره الإقليمي كمدخل نحو العمق السوري ومنه إلى باقي آسيا، والشقّ الثاني بتوسيع مرفأ طرابلس وتأهيله ليتلاءم مع موقع طرابلس المهمّ وكجزء من حركة إعادة إعمار سوريا بالتكامل مع ميناء طرطوس واللاذقية، وكذلك الاستعداد لبناء إهراءات إقليمية للحبوب في المرفأ تتناسب مع مشروع بإنشاء إهراءات مماثلة على الساحل السوري تستطيع خدمة الإقليم انطلاقاً من سواحل سوريا والشمال اللبناني. ولم يقرب الروس ملفّ إهراءات مرفأ بيروت، على اعتبار أن دولة الكويت تكفّلت ببنائها مجاناً.

الأبرز في كلّ هذه العروض، أن الجهات الروسية تفهم جيّداً الواقع المالي للدولة اللبنانية. وعلى ما تؤكّد مصادر الوفد أن «الجانب الروسي يقبل بالدخول في الاستثمارات على قاعدة (BOT)، بضمانة الدولة اللبنانية ودعم من مصرف روسي مكلّف من قبل الجهات الرسمية الروسية». يبقى أن قرار مصفاة الزهراني بيد رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب، الذي يدرك الروس أنه يستطيع بشحطة قلم الموافقة عليه، لكنّه يقول إنه لا يريد تحمّل «المسؤولية» وحده عن قرار كهذا! بينما تفتح طوابير الذلّ أمام محطات الوقود باب حرب أهليّة جديدة من نوعٍ آخر.

مصدرجريدة الأخبار - فراس الشوفي
المادة السابقةسعر البنزين والمازوت إلى 90 ألفاً
المقالة القادمةمصرف لبنان “يبخشش” أموال المودعين لعميل مفلس