اذا كانت غالبية المصارف تضيّق على اللبنانيين في عملية تسديد تحاويل الـFresh money من الخارج نتيجة انهيار إحتياطيها لدى المصارف الأجنبية بالدولار، فإن وقف مصارف مراسلة تعاملها مع لبنان في حال تمدّد الى شريحة كبيرة من البنوك، سيشكّل الضربة القاضية وبمثابة إحكام الخناق على التحاويل الواردة الى لبنان وبالتالي على حركة التجارة الخارجية المرتبطة بالإعتمادات وما يشملها من استيراد مواد اولية أساسية مثل الطحين والمازوت والدواء.
فالبنوك “المراسلة لا ترغب في التعامل مع مصارف محلّية تدور حولها الشبهات ولو كانت غير ثابتة أو صحيحة”، يقول رئيس لجنة الرقابة على المصارف السابق سمير حمود لـ”نداء الوطن”. من هنا من المرتقب أن تتوسّع رقعة المصارف الرافضة التعامل مع لبنان، خصوصاً بعد فقدان الثقة بالدولة اللبنانية بسبب عدم تسديد سندات الدين بالعملات الأجنبية (يوروبوندز)، وانسداد الأفق على الصعيد السياسي وتعميق ازمتنا أكثر فأكثر.
فمن المعلوم أن أموال مصرف لبنان النقدية وثلث إحتياطي الذهب لديه موجودة خارج البلاد، وبالتالي فهي لا تخضع للقانون اللبناني بل للبلد الذي هي متواجدة فيه، من هنا تطرح تساؤلات حول قانونية جواز وضع اليد عليها أو حجزها. رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق القاضي غالب غانم فنّد لـ”نداء الوطن” الجواب فقال: “يعتبر المصرف المركزي إستناداً الى المادة 12 من قانون النقد والتسليف شخصاً معنوياً من أشخاص القانون العام، وبهذه الصفة توضع لديه أموال القطاع العام، ولكنه يعتبر، بموجب المادة نفسها تاجراً في علاقاته مع الغير”.
أما خارج لبنان، فيوضح أنّ “الأمر يتغيّر لأن أشخاص القانون العام اللبنانيين ومنهم مصرف لبنان لا يستفيدون من الحماية التي وضعت لصالحهم داخل لبنان. وإن تعامل المصرف المركزي مع الغير في الداخل والخارج يجعله بحكم التاجر ويمكّن هذا الغير من الحجز على أمواله في الخارج تماماً كما هو الوضع بالنسبة الى الدولة اللبناني”.
وفي السياق، رأى حمود أن “لا سبب للحجز على أصول مصرف لبنان، الا اذا كان من باب سياسة الضغط الدولي على لبنان ومن باب عدم التصرف في المال السياسي، مستبعداً هذا الأمر”. مؤكّداً أن “لا التزامات على مصرف لبنان تجاه البنوك المراسلة، واذا ما كان المخطط خنق لبنان في أهمّ شريان لحياته وهو التحاويل الواردة، يكون ذلك، من حيث ندري او لا ندري، ساهم في خنق البلد”.