وهْمُ بطاقة الدعم

تمرّ الأيام من دون أيّ خطوة إضافية تعالج أزمة شحّ الدولارات المخصّصة لتمويل استيراد السلع المدعومة. مصرف لبنان سبق أن رمى الكرة إلى الحكومة، محذّراً من عدم قدرته على الاستمرار بدعم السلع الأساسية. الحكومة حائرة في أمرها وعاجزة عن السير بأي قرار واضح وحاسم وترمي بمسؤولياتها صوب المجلس النيابي. والنتيجة، أن مشروع «البطاقة التمويلية» لمئات آلاف الأسر الفقيرة ــــ والذي يفترض أن يُقَرّ بالتوازي مع إلغاء الدعم الذي «يهدّد» مصرف لبنان بأن أمواله تكاد تنفد ــــ لا يزال مشروعاً وهمياً ومن الصعب أن يبصر النور. لا أحد يملك الإجابة عن سؤال من أين سيتم تأمين كلفة البطاقات، وما المعايير المعتمدة لانتقاء العائلات المستفيدة. ولأن الحلول متعثرة، فإن أي خطوة غير مدروسة ستكون نتيجتها قفز الدولار الى أرقام خيالية، وصفيحة البنزين الى مئة ألف ليرة، والدواء الى أربعة أضعاف سعره الحالي

منذ أشهر، يجري الحديث عن نفاد احتياط مصرف لبنان من العملات الأجنبية، ما يستوجب إلغاء الدعم عن السلع الأساسية (الأدوية والمحروقات والخبز… وجزئياً المواد الغذائية). حكومة حسان دياب وجدت الحلّ لهذه الأزمة باقتراح إقرار بطاقة تمويلية، يجري العمل بها بالتزامن مع إلغاء الدعم، على أن توزّع لعدد من الأسر (وصل هذا العدد أخيراً الى 600 ألف أسرة) لكل منها مليون و300 ألف ليرة شهرياً، تستخدمها العائلات لشراء حاجياتها.
لكن التدقيق يكشف أن اقتراح البطاقة الذي وُضع على طاولة البحث مجدداً يوم الثلاثاء الماضي، ليس سوى بيع المزيد من الأوهام للناس، فيما الحقيقة أن المشروع يكاد يكون غير قابل للتنفيذ

ما حصل فعلياً أن السيناريو المُعدّ من الحكومة لاقى تحفظاً من وزراء الصناعة والزراعة والمال، وبشكل جزئي من وزير الاقتصاد، فانتهى الاجتماع بورقة تتضمن أفكاراً، سيعمد كل وزير إلى تنقيحها على حدة ليُعقد اجتماع آخر، الأسبوع المقبل، تناقش خلاله التنقيحات.

من جهتها، توضح مصادر حكومية أن البطاقة لن ترى النور، والحديث بها يتم على سبيل إعطاء المزيد من المسكنات للفقراء لمنع الانفجار في عهد هذه الحكومة، الى حين تأليف حكومة جديدة لتتحمل المسؤولية.

باختصار، البطاقة التمويلية حتى الساعة لا تتعدى كونها شراء سمك في البحر. فألغامها منها وفيها، كما تفتقر الى الحدّ الأدنى من الدراسات العلمية، لا الطروحات العشوائية من بعض الوزراء الذين يرمون السيناريو تلو الآخر من دون إيلاء أي اعتبار للوقائع الاقتصادية والنقدية والاجتماعية المزرية.

مصدرجريدة الأخبار - رلى ابراهيم
المادة السابقةأبو حيدر: تم ترشيد الدعم في وزارة الإقتصاد ونواجه الإحتكارات والغش
المقالة القادمةسلامة يُراسل المنظّمات الدوليّة: هاتوا الدولارات!