في ظلّ استمرار التعقيدات الحكومية هل تجرؤ حكومة الـ”دياب” على اتخاذ قرار رفع الدعم خصوصاً وأنها نائمة نومة أهل الكهف ولا تنكبّ على إعداد الخطط البديلة للكارثة التي ستنجم عن هذا القرار والذي استنزف أموال المودعين، لا سيما البطاقة التموينية التي لن تطال 700 ألف عائلة بل 200 ألف اذا ما تمخّضت بسبب صعوبة الحصول على المعلومات كما اوضح وزير المال غازي وزني في تصريح.
ومقابل تلك المشهدية، بدأ السير في مسألة ترشيد الدعم، ولكن “عالسَكت” من دون “طنّة ورنّة”، تمهيداً للرفع النهائي للدعم. وزارة الإقتصاد خفّضت محتوى السلة الغذائية المدعومة الى مواد أساسية معدودة مثل اللحوم والحليب… علماً أن كلفة السلّة الغذائية في إجمالي محفظة الدعم ضئيلة نظراً الى احتساب الدولار على سعر المنصة أي 3900 ليرة. فأزمات توفير المواد الأساسية تتوالى وتتوسّع رقعتها، وبرزت أمس من خلال أزمة الرغيف والمحروقات التي تطلّ علينا من هنا وهناك كما حصل. فالمعضلة الرئيسية أو الكلفة اذاً تنحصر بمواد المحروقات والفيول أويل التي تشغّل محطات الكهرباء والتي يتمّ دعمها على اساس سعر الـ1515 ليرة للدولار الواحد وهو السعر الرسمي، وكذلك قطاع الدواء والمستلزمات الطبّية.
بالنسبة الى تداعيات رفع الدعم عن الصناعيين وبالتالي عن المنتجات الوطنية، “سبق أن رُفع عن المواد الأولية التي يحتاجونها للتصنيع، ولكن لم يؤثّر ذلك على ارتفاع الأسعار”، كما قال نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش لـ “نداء الوطن”، مشيراً الى أن “الصناعيين سبق أن طلبوا منذ نحو 20 يوماً من وزارة الإقتصاد والتجارة عدم إدراج المواد الأولية ضمن السلّة المدعومة وذلك لصعوبة آلية استخدام هذه المواد عند التصدير، اذ المطلوب موافقة مسبقة من الوزارة قبل تصدير أي سلعة تتضمن مواد أوّلية مدعومة. فوافق الوزير بإلغاء الدعم على كل المواد الأولية”.
وبالنسبة الى رفع الدعم عن قطاع الكهرباء وبالتالي الفيول الذي يستخدم لإنتاج الكهرباء، قالت مصادر وزارة الطاقة ان “رفع الدعم سيؤدي حتماً الى زيادة في الكلفة التي ستؤدي حتماً الى ارتفاع أسعار كافة انواع الطاقة”، مؤكّدةً أن “لا حلّ سحرياً في المدى القريب”.
وبات من المعلوم أن رفع الدعم عن البنزين سيرفع سعر صفيحة البنزين اذا ما احتسب الدولار على سعر الـ14 ألف ليرة الى 165 ألف ليرة. أما بالنسبة الى فاتورة المولدات الكهربائية التي نشطت منذ بداية العام مسجلة ارتفاعاً شهرياً مستمراً الى 882 ليرة لبنانية عن كل كيلواط بالساعة استناداً الى تسعيرة وزارة الطاقة الأخيرة الصادرة عن شهر آذار من 633 ليرة في نهاية العام 2020.
وفي ما يتعلق بالدواء، فإن الإقدام على خطوة رفع الدعم نهائياً من شأنه أن يرفع حتماً أسعارها واستناداً الى نقيب الصيادلة غسان الأمين فإن “رفع الدعم في نهاية أيار كما قيل يعني أننا أمام كارثة كبيرة، وستغلق نسبة 80% من الصيدليات، مما يهدد الأمن الدوائي للمواطن”. ويأتي ذلك في ظلّ الإعلان سابقاً أن أدوية الأمراض السرطانية لن يتم رفع الدعم عنها. وسبق أن تمّ ترشيد الدعم على بعض الأدوية التي تعالج الأمراض الحادة كالمضادات الحيوية والمسكّنات التي لا يتناولها المريض سوى نادراً فتسعر على دولار الـ3900 ليرة وهي مدعومة بنسبة 80%.
باختصار الحكومة لغاية اليوم غائبة كلياً عن وضع الخطط البديلة والدراسات إستعداداً لدرء مخاطر كابوس رفع الدعم وتداعياته على المواطن المتضرر الأكبر مما جنته الحكومة التي أكلت كل الحصرم، وها هم المواطنون اليوم يضرسون ويموتون جوعاً. فالكارثة الإجتماعية والغذائية والصحيّة والدوائية التي ستنتج عن خطوة رفع الدعم حاصلة لا محالة، وستتسبب بالمزيد من الفقر بسبب تأجّج ألسنة نيران الأسعار التي ستحرق من تبقى من المواطنين الصامدين.