ارتفع حجم السيولة الخارجية في مصرف لبنان من 8.4 مليارات دولار إلى 9.7 مليارات دولار منذ أيلول 2023. وتقول مصادر من مصرف لبنان أن 1.1 مليار دولار من هذا الارتفاع يُعزى إلى الفائض في شراء الدولارات التي يقوم بها المصرف لمصلحة الدولة اللبنانية، عبر عملية بيع الليرات اللبنانية في السوق لتغطية حاجته من الليرة. والحاجة إلى الليرة تنبع من حاجة الأفراد والمؤسسات إلى العملة المحلية، لتسديد الضرائب والرسوم المترتبة عليهم، إذ لا تقبل الدولة إلا بجبايتها بالعملة اللبنانية، ما يحتّم على كل المتعاملين بالدولار النقدي شراء الليرات من السوق.
أما الـ200 مليون دولار الباقية، فمصدرها جباية الدولة بعض الرسوم بالدولار، مثل رسوم المطار والمرفأ.
في الواقع، أظهر مصرف لبنان تغيراً جزئياً في منهج عمله، إذ أصبح متمسّكاً بإرساء الاستقرار في سعر صرف الليرة مقابل الدولار. احتاج هذا الأمر إلى تجفيف السيولة بالليرة الموجودة في السوق، وقد ساعده في ذلك رفع الرسوم والضرائب الحكومية. في الوقت نفسه، فإن هذه الأموال شبه محجوزة في حساب الدولة لدى مصرف لبنان المعروف بحساب الـ36، إذ إن هناك اتفاقاً شفهياً بين السلطتين النقدية (مصرف لبنان) والمالية (الحكومة ووزارة المال) بألا يتم إنفاق أي مبلغ أو تسديد أي فواتير في السوق إلا بالتنسيق بينهما، وهذا أمر يحصل بشكل شبه يومي، ما أدّى إلى تراكم أكثر من 90 تريليون ليرة أو ما يساوي 1 مليار دولار نقداً في هذا الحساب. وفي المقابل، تحصل الدولة اللبنانية على ما تحتاجه من دولارات من العمليات التي يقوم بها المركزي والتي تزيد قيمتها الشهرية عن 200 مليون دولار نصفها يموّل رواتب العاملين وأجورهم في القطاع العام. وبسبب حاجة الدولة اللبنانية إلى تسديد مبالغ بالدولار للخارج، لم يتمكن المصرف المركزي في الشهر الماضي من الاحتفاظ بأي فائض.
صحيح أن هذا الأمر يُسهم في بناء سيولة خارجية إضافية، إلا أن هذه الأرقام ليست كافية للتأثير على الوضع السيئ للقطاع المالي، والذي يشمل المصرف المركزي أيضاً، والذي تتراكم فيه خسائر بأكثر من 70 مليار دولار. ففي مقابل فائض بقيمة 1.3 مليار دولار يضاف إليه ما كان متراكماً في حساب السيولة الخارجية، أي ما مجموعه 9.7 مليارات دولار، هناك نحو 88 مليار دولار من الودائع بالعملات الأجنبية. بمعنى أوضح، إن الالتزامات المترتبة على القطاع المالي بالعملات الأجنبية تساوي 9 أضعاف ما لديه من موجودات سائلة بالعملة الأجنبية. لكن الفرق الأساسي هو أن الفائض المحقق بقيمة 1.1 مليار دولار مبني من عمليات السوق التي لا ترتبط بالودائع أو بما يسمى احتياطات إلزامية أو موجودات إلزامية خلافاً لما كان يحصل قبل الأزمة حين كان يتم بناء هذه الاحتياطات من أموال الودائع المتدفقة بالإغراء إلى مصرف لبنان عبر قناة أساسية هي المصارف.