أصدرت وزارة المالية عن طريق مصلحة الديوان مذكّرة إدارية طلبت فيها من الموظفين العاملين في أمانات السجل العقاري في محافظة جبل لبنان الحضور الى مراكز العمل ابتداءً من 18 الجاري، تحت طائلة تطبيق أحكام المادة 65 من المرسوم الاشتراعي رقم 112/59، التي تعتبر الموظف مستقيلاً حكماً في حال انقطاعه عن عمله من دون إجازة قانونية وعدم استئنافه عمله خلال 15 يوماً من تاريخ انقطاعه.
وبالفعل عاد موظفون الى عملهم بعد أيام قليلة بينما كان مرتقباً منذ شهرين بأن تكون العودة في نهاية العام 2023.
فالدوائر تلك توقّف عملها منذ تاريخ 19 كانون الأول 2022، فور توالي الملاحقات القضائية كما بات معلوماً من فرع المعلومات على كل العاملين فيها بناءً على إشارة المحامي العام الاستئنافي بجبل لبنان الرئيس سامر ليشع، على خلفية شبهات فساد بدءاً ببعبدا فعاليه ثمّ المتن والشوف، وجونية وجبيل.وكان عُرِض موضوع موظفي أمانات السجل العقاري في جبل لبنان في جلسة مجلس الوزراء في 29 تشرين الثاني 2023 كما جاء في الكتاب الموجّه من وزير المالية الى المديرية العامة للشؤون العقارية في 4 كانون الأول 2023. وبعد أن اطّلع مجلس الوزراء على الملف، قرّر اعتماد رأي مجلس الخدمة المدنية لناحية اعتبار أن تطبيق أحكام المادة 65 من نظام الموظفين يفترض أن تكون الإدارة مكّنت الموظف من مباشرة عمله وأبلغته بذلك، حينها وفي حال تجاوز مهلة الـ15 يوماً من دون عذر مشروع يقتضي على الإدارة إعداد مشروع مرسوم يرمي الى اعتباره مستقيلاً من الخدمة بدءاً بتاريخ الإنقطاع عن العمل بعد أن يبلّغ الموظف بوجوب الحضور الى مركز عمله.
وعلمت «نداء الوطن» من مصادر مطلعة أنّ الموظفين يتوجّهون الى مراكز عملهم في أمانات السجل العقاري في بعبدا بين ثلاثة وخمسة أيام أسبوعياً، ويقومون حالياً بجردات وتنظيم الملفات أو المعاملات العالقة والبالغة نحو 50 ألف معاملة.
خسارة آلاف المليارات ومراحل تقدّم العمل
وكانت التقديرات السابقة تشير الى أن وقف عمل الأمانات العقارية في جبل لبنان، فوّتت على خزينة الدولة آلاف مليارات الليرات نتيجة وقف استقبالها المعاملات الجديدة، إلا أن هذا الرقم استناداً الى المصادر «تغيّر إذا ما تمّ احتسابه على سعر صرف 89500 ليرة لبنانية المعتمد حالياً ليرتفع الى 100 ألف مليار ليرة لبنانية».
أما المعاملات السابقة المتراكمة أي كلّ العقود المقدّمة الى الدوائر العقارية قبل 15 تشرين الثاني 2022 (تاريخ صدور موازنة 2022) فتُستوفى رسومها على أساس سعر صرف بقيمة 1500 ليرة للدولار الواحد.
طبعاً إن إنجاز المعاملات المتراكمة لفترة أكثر من عام ستتّخذ بعض الوقت باعتبار أنها تمتدّ من العام 2019 (بداية الأزمة المالية والاقتصادية) و2020 و2021 و2022 جرّاء انتشار وباء كورونا ووقف عمل الدوائر وانهيار رواتب الموظفين بعد تدهور العملة الوطنية وبدء إضرابات موظفي الدوائر العامة وتباطؤ إنجاز المعاملات.
وقسّمت وزارة المالية المراحل التي سيتمّ اجتيازها للوصول الى مرحلة فتح أبوابها الى العموم، استناداً الى المصادر، الى ثلاثة وهي:
-المرحلة الأولى: تقتصر على الأعمال الداخلية وإنجاز المعاملات المتراكمة.علماً أن عدد المعاملات المتراكمة تختلف بحسب كل أمانة. فهناك أمانة تتضمّن ألف معاملة متراكمة وأخرى 18 ألف معاملة وأخرى 6000 معاملة…
المرحلة الثانية، إصدار إفادات عقارية وإيصالات وسندات.
المرحلة الثالثة، إستقبال معاملات جديدة.
يبقى العائق الوحيد حالياً، الأشخاص الذين صدرت بحقّهم مذكّرات توقيف، فهؤلاء ليس أمامهم سوى تسوية أوضاعهم عن طريق القضاء المختص إمّا بتسليم أنفسهم أو عن طريق استرداد المذكرة، وذلك خلال فترة الـ15 يوماً من 18 كانون الثاني أو سيعتبرون مستقيلين من الخدمة استناداً الى القانون.
مع الإشارة هنا الى أنه تمّت الإستعانة بنحو 49 موظفاً من وزارة المالية (يعملون حالياً)، تمّ تدريبهم لإنجاز المعاملات المتراكمة وسدّ الفراغ الذي أحدثته الملاحقات القضائية للموظفين الفاسدين في أمانات السجل العقاري في جبل لبنان فقط، وتنتظر وزارة المالية مرور فترة الـ15 يوماً لمعرفة عدد الموظفين الملتحقين من أصل 120 موظفاً كانوا يعملون سابقاً، منهم 15 موظفاً صدرت بحقهم مذكّرات توقيف ولن يعودوا، ومنهم من أخلي سبيلهم بكفالة ولم يصدر حكم نهائي بعد بحقّهم، ومنهم أوقفوا وأخلي سبيلهم نهائياً.
وبذلك شكّلت مذكرة استدعاء الموظفين للعودة الى عملهم في عقارية جبل لبنان، إرتياحاً للمواطنين الذين لديهم معاملات عالقة منذ أكثر من عام لا سيّما المطوّرين العقاريين والمحامين والمهندسين تمهيداً لإنجاز المعاملات واستلامها وعودة دورة العمل الى طبيعتها.
«بارازيت» تعطيل المرافق
وفي هذا المجال يقول أمين سرّ نقابة المطوّرين العقاريين مسعد فارس لـ»نداء الوطن» إن «إقفال أي مرفق حكومي يعطّل الأشغال والمداخيل في البلاد ويشكّل «بارازيت»، فكيف بالحري بمرفق مهمّ مثل الدوائر العقارية في جبل لبنان، التي بات إقفالها، قراراً لتعطيل أشغال البلد. علماً أننا ضد الفساد والرشاوى. ولكن كان يجدر استبدال الذين تمّ توقيفهم بموظفين آخرين لتأمين استمرارية العمل ولو بالحدّ الأدنى كالاستعانة بعناصر من الجيش أو غيرهم، وتفادي تعطيل عمل نحو 70 مهنة منهم الوسطاء والمطوّرون العقاريون والـ»كهربجي» والنجار ومعلم الحجارة…».
وأمل فارس في أن «تكون العودة عن الخطأ جيدة وخطوة كاملة وليست ناقصة، وأن تعاود عقارية جبل لبنان عملها خلال أسبوعين، معتبراً أن مشكلة القطاع العقاري لا تنحصر فقط بإقفال الدوائر العقارية بل بسائر الدوائر التي تقفل مثل الميكانيك والمدارس، والمالية والمصارف وأيضاً عدم الثقة بالدولة والحرب في الجنوب، كلّها تطوّرات تؤثر سلباً في الاقتصاد وعلى القطاع العقاري».
تحسّن متوقّع بنسبة 20%
وشدّد فارس على أن «عودة عجلة الدوائر العقارية الى الدوران ستدرّ أموالاً على الدولة بعد تأثير الإقفال الكبير، وبرأيه «إذا فتحوا شباكاً معيناً للمعاملات الجديدة توازياً مع المعاملات القديمة فسيتمّ تكبير حجم العمل وتعويض التكاليف على الدولة غير المسدّدة من المواطنين وتحسّن الى حدّ ما السوق العقارية التي تعاني من وضع صعب، تفاقم مع بداية الحرب على غزة».
وأمل مع عودة الدوائر العقارية في جبل لبنان الى العمل وفي ظلّ التخوّف من زيادة الرسوم والضرائب على المعاملات العقارية في أن تتحرّك العجلة ويُقدم من يرغب في الشراء على هذا الأمر حالياً ومن يرغب في البيع أن يبيع، وهذه الخطوات قد تكون لصالح الدولة والاقتصاد عموماً والقطاع العقاري خصوصاً». وفي الغضون يتوقّع مسعد أن «تتحسّن الحركة العقارية بنسبة 25% بعيد فتح عقارية جبل لبنان نظراً الى الدور المهمّ الذي تلعبه في ساحة أمانات السجل العقاري».