لا بُدّ مِن الإِقرار بدايةً، بأَنّ جزءًا مِن إِشكاليّة العلاقة بَيْن أَصحاب المولّدات الكهربائيّة في لُبنان، والمُشترِكين فيها، يَعود إِلى أَفعالٍ استغلاليّةٍ، يُنفّذها مُستورِدو النّفط في لبنان، فتنعكس سلبًا على أَصحاب المُولِّدات… بَيْد أَنّ “الشّعب المسكين”، يدفع –وكالعادة– وحده الثّمن!…
ومِن الأَفعال تلك أَنْ يُؤخّر المستورد تسليم النّفط ومشتقّاته إِذا ما لاح في الأُفق أَيّ ارتفاع في سعر النّفط عالميًّا، ما سينعكس تاليًا على سعره في لُبنان.
ولكنّ قصّتهم لَيْست محور قضيّتنا اليَوْم، بقدر أَهميّة الإِضاءة على مئة طريقةٍ وطريقةٍ يعتمدها بعض أَصحاب المُولّدات، في الذّهاب بعيدًا في استغلالهم المُشتركين… إِلى حدّ اعتماد “البلطَجَة”!.
التّلاعُب بالعدّاد
مِن الأَساليب الكثيرة المُعتمدَة في الغشّ، التّلاعُب بالعدّادات، ولا يكون ذلك إِلّا بانتزاع قطعة “البلاستيك” منه، وعندها يسهُل التحكُّم بالأَرقام تلاعُبًا… وفي مُواجهة هذا الاحتمال، يُمكن التّأكُّد إِذا كانت القطعة البلاستيكيّة تمّ العبث بها أَم لا.
عدم الانتظام في الاحتساب
كما ويُؤدّي عدم الانتظام في احتساب العدّاد، إِلى مكاسبَ غير مشروعةٍ، يجنيها صاحب المُولّد، لكَوْن سعر الكيلووات إِلى ارتفاعٍ. وبالتّلي فما “يتغاضى” عنه مِن مصروفٍ للمُشترك هذا الشّهر، سيتقاضاه بسعرٍ مُرتفعٍ أَكثر في فاتورة الشّهر المُقبل… ولو أَنّ هذه الفرضيّة باتَت في شكلٍ عامٍ ضعيفةً، لكَوْن المُشترِكين يتنبّهون إِلى تاريخ “التّشييك” على الفواتير، وتاليًا يُصوّرونها للتأكُّد مِن صحّة الأَرقام بعد صُدور الفواتير.
التّلاعُب في سعر الصّرف
قد يكون التّلاعُب في سعر صرف الدُّولار في يوم صُدور فاتورة الاشتراك في المُولّد الكهربائيّ الأَكثر شُيوعًا، لأَنّ المُشترِكين قد لا ينتبهون إِلى سعر الصّرف المُدوَّن، وَفقًا للأُصول، في أَسفل الفاتورة، ويكون مثلًا على الشّكل الآتي: USD 389.82 @ 32220 L L .
وما يلجأ إِلَيْه بعد أَصحاب المُولّدات، هُو التأخّر في تحصيل الفاتورة، ريثما يكون سعر صرف الدّولار في السّوق السّوداء قد بلغ ذُروته، ومن ثمّ يأمرون الجابي بالتّحصيل، على سعر صرف السّوق السّوداء في الذّروة… وهذا ما حصل تحديدًا في تحصيل فواتير شهر آب 2022، العائدة إِلى مولّد كهرباء “إمبراتور أصحاب المولّدات” جوزيف مشعلاني في جديدة المتن، إِذ تفاجأ المُشتركون في مولّد كهرباء “مشعلاني” فيالجديدة، بقُدوم جابي الفواتير، ليل الجمعة 16 أَيلول 2022، برفقة مُشغّل المُولّد رامي ابراهيم، على درّاجة ناريّة، حاملًا فواتير مُضخّمةً بمئات الدُّولارات عن كُلّ مُشتركٍ، ومُهدّدًا بقطع الكهرباء صباح السّبت عن غير المُسدّدين. وأَفادت إِحدى المُشترِكات في المولّد الّتي تحفّظت عن ذكر إسمها، بأَنّها ذُهِلت حين علِمت أَنّ اشتراكها عن 10 أمبير في شقّةٍ مساحتها 160 مترًا بلغت 390 دولارًا، وكيف انتظر مُشغّل المُولّد ارتفاع الدّولار في مقابل الليرة إِلى عتبة الـ38500 كي يُرسل الجابي لتسديد فواتير شهر آب، مُتأخّرًا 16 يومًا، ومُخيّرا المُشتركين بين الدّفع بالـ”فريش” دولار، أَو تسديد المبلغ بسعر صرف للدّولار هو 39000 ليرة، أو قطع الكهرباء صباحًا…
وفي هذه الحال ينبغي عدم الدّفع إِلَّا بحسب المَبلغ الوارد في الفاتورة، وبخلاف ذلك يُعدّ المبلغ المُتقاضَى “احتيالًا”.
التّهديد بقطع التيّار
لا يحقّ لصاحٍب المُولّد أَو لمُشغّله، قطع التيّار عن المُشتركين إِذا أَصرّوا على الدّفع بحسب ما تنصّ عليه الفاتورة، ومِن دون الانصياع أَو الرُّضوخ لابتزازات صاحِب المُولّد أو مشغّله، إِذ يُمثّل قطع التيّار مُخالفةٍ أُخرى تُضاف إِلى مخالفة الاحتيال وتحصيل أَموالٍ في شكلٍ غير شرعيٍّ… وفي هذه الحال يُمكن التقدُّم بشكوًى في حقّ صاحب المُولّد بجُرم الاحتيال.
التّقنين يخدم صاحب المولّد
خلافًا لما يعتقده الكثيرون، فإِنّ زيادة التّقنين في اشتراك المولّد تفيد صاحبه لا المُشتركين فيه، وبخاصّةٍ إِذا كانت تتمّ خلال فتراتٍ مُتقطّعةٍ مِن النّهار، وبوتيرةٍ مُرتفعةٍ…
وفي هذا الإِطار تقول السيّدة ماري مِن منطقة بيت الشعّار: “إِنّ صاحب المولّد عندنا يتّبع تقنينًا بوتيرةٍ مُرتفعةٍ، إِذ تكاد ساعة التّغذية بالكهرباء تُستَتبَع بساعة تقنينٍ تقريبًا”.
إِنّ هذه الطّريقة المُتَّبعة مِن بعض أَصحاب المُولّدات، لا تهدف البتّة إِلى التّقليل مِن مصروف المُشتركين كما يَعتقد كثيرون، بل على العكس، يكون المصروف مُضاعَفًا إِذ ما يكاد البرّاد مثلًا يصل إِلى درجة التّبريد المطلوبة حتّى يُعيده التّقنين إِلى حال الارتفاع في درجات الحرارة في داخله، وبالتّالي حين يُعاد تشغيل البرّاد، يتطلّب الأَمر وقتًا أَطوَل كي يعود إِلى البرودة القُصوى… وهكذا دواليك، تكون ساعات التّغذية بعد التّقنين، ساعات تشغيلٍ في الحالة القُصوى للأَدوات الكهربائيّة: سخّان المياه، البرّاد…