أوصَلت المباحثات الى تعديل التعميم 151، وصدور التعميم 166 كبديل منه. وسيسمح التعميم الجديد بسحب 150 دولاراً في الشهر لكل مودع. هذا يعني سحب أو استرداد 1800 دولار سنوياً، بما لا يكفي لتأمين الحدّ الأدنى من المعيشة التضَخّمية.
في هذا المنطق، يكون استرجاع مبلغ لا يتجاوز الـ 18 ألفاً في السنوات الـ 10 المقبلة.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل استُبدل مشروع صندوق النقد الدولي أو مشروع الحكومة لإعادة الهيكلة، الذي كان يُدرس لاسترجاع 100 ألف دولار أو 150 ألفاً في السنوات السبع المقبلة؟ وهل هذا المشروع المقترح هو لنهاية ما تبقّى من الودائع الصغيرة والمتوسطة، قبل تحضير صفقة جديدة للودائع الكبيرة؟ أو أنه لتكريس أكبر عملية نهب في تاريخ العالم، والتأكيد بأنّ الودائع قد تبَخّرَت وسُرِقت ونُهِبت.
أما السؤال الثاني الذي يطرح نفسه، فهو حول كيفية تمويل هذا المبلغ المتواضع من قبل المصارف وأيضاً المركزي؟ فالمشروع المطروح سيُلزم المصارف تأمين 50% من هذه المبالغ، هذا يعني تأمين ملايين عدة من الدولارات في السنة.
هناك بعض المصارف لها النية لتأمين هذه السيولة، وإعادة الهيكلة الداخلية. لكن هناك أيضاً مصارف ليس لها أي نيّة للإلتزام في هذا التعميم الجديد، ويُمكن أن تفضّل إعلان إفلاسها، وبيع أصولها، علماً أنّ هذا الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً.
أما عن المصارف التي لها النيّة والقدرة على الإلتزام، فيجب أيضاً أن يُعاد عملها الطبيعي، لإمكانية تمويل هذه المبالغ السنوية. وهذا سيستلزم بعض القوانين الجديدة، لإعادة عملية الإستدانة وتمويل المشاريع، لكن الأهم سيكون بإعادة الثقة الذي هو التحدّي الأكبر.
أما النصف الثاني من هذا المشروع، فسيكون تمويله من المصرف المركزي، والسؤال الأساسي هو كيف ستؤمّن هذه المبالغ؟ وهل سيكون ذلك من خلال استنزاف ما تبقّى من الاحتياط؟ أو من الودائع المنهوبة؟
لسوء الحظ، لا نزال ندور حول الحلقة المفرغة عينها، وتُرمى كرة نار الودائع من منصّة إلى أخرى، وتُستكمل عملية الهيركات المبطّن، من دون مسؤول أو مسؤولية، ومن دون أي نيّة حقيقية لاسترجاع مبالغ معتبرة من الودائع. فهل هذا التعميم الجديد هو تكريس الهيركات الرسمي، والذي سيُقارب بالحدّ الأقصى 80% أو 85%، وهذا يعني بمعنى آخر استرجاع 15%-20% من الودائع الصغيرة للسنوات العشر المقبلة.
أخيراً المؤسف والمثير للغضب هو أنه حتى اللحظة الأخيرة لن تتحمَّل الدولة أي سنت من الخسائر، وهي المسؤولة المباشرة عن أكبر أزمة اقتصادية، مالية، نقدية واجتماعية في تاريخ العالم، وتتابع مسلسل النهب من دون أي قلق.
في المحصّلة، إنّ التعميم 166 لن يُريح المودع ولن يعيد هيكلة المصارف، ولن يُنفّذ أي خطة أو استراتيجية جديدة، لا بل يتابع الهيركات المبطّن على الشعب المذلول والمنكوب، ويُكرّس الخسائر الفادحة والكارثية من الودائع، بتأمين بعض الأموال البَخسة، في مواجهة هذا التضَخّم الكارثي الراهن.